خلال السنوات الأخيرة حاولت جاهداً ألا امر المكتبات خوفاً من أن تقع عيني على أي كتاب فأخذه؛ فصرت لا أدخل إلا لشراء ما أريده فقط وأخرج غاضاً بصري عما تشتهيه النفس؛ لأني ولا أخفيكم سراً مصاب بمرض يدعى الببالومانيا وهو هوس تجميع الكتب .. فما أن أدخل مكتبة إلا وانسى نفسي كطفل دخل مدينة ألعاب!! أعراض هذا المرض كثيرة وتتفاوت في قوتها من شخص لآخر؛ فمن أعراضه حب الكتب والشغف باقتنائها وعدم إعارتها لأحد وقد تشتري كتاباً فقط لأنك قد تحتاجه يوماً أو لأن معلومة فيها أعجبتك أو لأنك تريد امتلاكه فقط؛ وشخصياً قد صورتُ كتاباً بالكامل لأن بعض صفحاته قد سُكب عليها قليلاً من الشاهي ..!!

وقد يكون مسمى المريض حديثاً إلا أنه موجود منذ الأزل فما من مثقف أو عالم إلا وعايش هذا المرض الممتع المتعب فالصاحب بن عباد كما يروى كان يسافر بثلاثين بعيراً محملة بالكتب لتكون أنيسه في أسفاره ..!! وابن الخشاب النحوي باع منزله ليسدد قيمة كتب اشتراها بـ ٥٠٠ دينار !!

واليوم مررت بمكتبة شهيرة وأطلقت لعيني العنان فلم أجد إلا الغث السمين !! كتب تتصفحها من أولها لٱخرها ولن تخرج بأي فائدة فلا معلومة تثلج صدرك ولا أسلوب ينمي لغتك مجرد صفحات ملئت سرداً وحشواً لا معنى له .. لهذا أبشركم بأن هذه الكتب الجوفاء قد شفتني من هذا المرض أخيراً !!