جبلت النفس البشرية على حب المال هو عصب الحياة وضرورة من ضرورياتها فالمال بالاجماع مهم للفرد والمجتمع والدولة على حد سواء وفيه يتحقق العيش الكريم فالمنفعة من المال الخاص تعود بالمنفعة العامة على المجتمع وسلك الطرق المشروعة للكسب ينمي الرزق الحلال ومع تعدد طرق الكسب سواء بعوض كانت أوبغير عوض فأن الثابت ان مطلب كسب المال هدف للجميع لتوفير متطلبات الحياة

في هذا الاطار ناقش مجلس الشورى قبل عدة اشهر مقترح (بتعديل نظام الخدمة المدنية بهدف السماح للموظف الحكومي بالعمل بالتجارة…) سقط الاقتراح بفارق ضئيل ولكل طرف مؤيد أو معارض اسبابه، وهنا نجد عدة اطراف في الموضوع ( الوظيفة والموظف والتجارة والتاجر والمال) ولكل منهم تعريفة

الوظيفة : هي مجموعة من الواجبات والمسؤليات تحددها سلطة ذات اختصاص .. والموظف: هو الشخص الذي يستخدم بصفة نظامية ليقوم بواجبات ومسؤليات وظيفة ماء مقابل أجر محدد ويتمتع لقاء ذالك بالحقوق والامتيازات المترتبة عليها بينما تعرف التجارة : بأنها هي مجموعة من العمليات التجارية التي تشمل البيع والشراء الخاصة بالخدمات والسلع ..ويعرف التاجر: كل من اشتغل بالاعمال التجارية واتخذها مهنة له

ويعرف المال بأنه: هو كل مايمكن حيازته والانتفاع به على وجه معتاد .

ويضح من ذالك بأن هذه الوظائف والصفات تختلف عن بعضها كلياً بأستثناء اتفاقها على غاية واحدة وهي الحصول على المال وعلية فأن الجمع بين الصفتين الموظف والتاجر في ذات الوقت سوف يؤدي الي تغليب احدهما على الاخرى وغالباً تكون المصلحة الخاصة على العامة.

ولذلك نص نظام الخدمة المدنية في مادته الثالثة عشر على مايلي م13/1: يجب على الموظف ان يمتنع عن الاشتغال بالتجارة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ….. كما جاء فيها … يحظر على أي موظف ان يزاول نشاطاً يؤدي الي اكتساب صفة التاجر …الخ..

وعليه فأن المنع صريح وبالتالي يتعذر الجمع بين (الوظيفة…والتجارة.) وذالك لغايات ابرزها المحافظة على نزاهة الموظف وصرف جهده ووقته وتركيزة على اداء واجبات الوظيفة العامة . ولكن هل انتهى الامر وتوقف عند هذا الحد بالطبع لا؟

الظروف الاقتصادية تتغير والمصروفات ترتفع وللتزامات تزيد مع مرور الوقت في ضل رواتب مقرره يحكمها سلم الرواتب، ومن حق الموظفين تحسين مصادر دخلهم فالحسابات الجارية المملوكة للموظفين والمتمثلة في أموال الموظفين المودعة لدى البنوك وهي عبارة عن (مليارات الريالات) غير المستثمرة من قبل اصحابها بينما تستفيد منها البنوك دون مقابل وللموظفين الحق في الاستفادة من عائدات هذه المليارات بما يعود عليهم بالنفع والفائده وبالتالي على الاقتصاد الوطني.

ويبقى العائق والسؤال بالوقت ذاته كيف يتم الا ستفادة من هذه الاموال بطريقة تتوافق مع احكام النظام ، اذ ان المانع كما سبق ايضاحة مانع نظامي اقتضته المصلحة العامة في جانب معين تمثل في (مارسة الموظف للتجارة)

ومن المعلوم بان هناك اكثر من طريقة للاستثمار هذه الاموال من قبل اصحابها ولعل هناء اذكر احدها فقط وان كانت سوف تبدو من الصعوبة بمكان ولكنها قابلة للتطبيق متى اردنا ذالك ؛ وبمعادلة حسابية بسيطة وبعيداً عن التعقيدات والمصطلحات الاقتصادية والعبارات الرنانة وبالرجوع للارقام الاحصائية نجد بأن عدد موظفي القطاع العام من مدنين وعسكريين يصل الي ثلاثة ملايين تقريباً بينما يبلغ عدد موظفي القطاع الخاص من المواطنين مليون ونصف تقريباً.

وفي حال تقرر انشاء شركة وطنية للاستثمارات العامة ذات (انشطة وأغراض متعدده) وتم طرح اسهمها للاكتتاب من قبل الموظفين على اختلاف قطاعاتهم وبسعر سهم يقيمة (1000)الف ريال اختيارياً لمن يرغب وعلى افتراض بأن عدد المساهمين من القطاع العام (المدني..والعسكري) عدد مليون ومئتان وخمسون الف (1250000) شخص وبمتوسط مبلغ وقدرة خمسة واربعون الف (اي عدد45 سهم)للشخص الواحد بذالك يكون لدينا مبلغ وقدره(56250000000) ستةوخمسون مليار ومئتان وخمسون مليون ريال وعلى افتراض بأن عدد المساهمين من القطاع الخاص ثمان مئة وخمسون الف (850000) وبمتوسط مبلغ وقدرة خمسة عشر الف (15000) اي بعدد 15سهم)للشخص الواحد فسيكون لدينا مبلغ وقدرة (12750000000)اثني عشر مليار وسبع مئة وخمسون مليون ريال.

مع الاخذ بالاعتبار بأن بعض المساهمين من القطاع العام او الخاص لديه القدرة والرغبة في المساهمة مبلغ يفوق ماتم ذكرة بكثير وهناك من سوف يساهم بأقل وقد ذكر مقدار المبلغ أعلاة كمتوسط فقط لمعرفة مقدار المبالغ التي يمكن تحصيلها.

يضاف الي ذالك وجود عدد(570000الف) متقاعد على قيد الحياة وعلى افتراض بان عدد(150000) مئة وخمسون الف شخص منهم لدية القدرة والرغبة في المساهمة بشراء الاسهم وبمتوسط مبلغ وقدره(8000)سبعة الاف ريال اي عدد (8اسهم) سيكون لدينا مبلغ وقدرة (1200000000)سبع مئة مليون ريال. مع ملاحظة بان الفئة الثانية والثالثة (موظفي القطاع الخاص والمتقاعدين )غير مشمولين بما نص عليه في نظام الخدمة المدنية ومشاركتهم ناتجة عن رغبتهم في تحسين دخولهم حيث ليس بمقدورهم انشاء اعمال تجارية خاصة بهم لهذا السبب او ذاك.

وبالتالي سوف تكون لدينا اجمالي مبلغ وقدرة (70200000000)سبعون مليار ومئتي مليون ريال

على ان يمثل ذالك نسبة(%70) من راس المال بينما نسبة (%30) من راس المال الاخرى تكون بتمويل من قبل المؤسسات العامةمثل (البنوك والمؤسسة العامة التقاعد والمؤسسة العامة للتامينات وصندوق الاستثمارات العامة وشركات الاتصالات….الخ) بصفتهم شركاء في الشركة الوليده. وبذالك يكون لدينا شركة براس مال يتجاوز مئة مليار ريال أي مايعادل (28000000000) ثمانية وعشرون مليار دولار تقريباً وهو مبلغ يتجاوز ميزانية بعض الدول بل عدة دول من ذوات الدخل المحدود.

وهذا مايتطلب صدور قرار من مجلس الوزراء بأنشاءشركة بهذا الحجم مع وضع الية عملها على ان يتم تعيين أعضاء مجلس الادارة ورئيسة بقرار مماثل وان تكون تحت اشراف وزارة المالية أو مؤسسة النقد حفاظاً على حقوق المساهمين وان تدرج اسهمها في سوق المال (تداول) على ان تراعى في مجالات استثماراتها الانشطة ذات المخاطر المنخفضة. فضلاً عن ترك الاكتتاب فيها متاح لمن يرغب في أي وقت كون عملية التوظيف مستمرة وكذالك الحال بالنسبة لمن يرغب في زيادة عدد اسهمه.على ان تتم توزيع الارباح على المساهمين وفقاً لعدد الاسهم لكل فرد.

وبهذا تتحقق عدة فوائد اهمها الاتي :

1/ استفادة الموظفين من اموالهم المدخرة في البنوك وتحقيق عائد مادي يساعدهم في تحسين دخولهم لمواجهة الزيادة في مصروفاتهم ووفقاً للنظام

2/ ضمان تفرغ الموظف لاداء واجبات ومهام الوظيفه على الوجه المطلوب وبالتالي رفع نسبة انتاجية الجهة الحكومية

3/ ضمان حيادية الموظف العام ومنع مايتعارض مع طبيعة عمله ووظيفته الحكومية

4/ خلق شعور يعزز مبداء المسئولية لدى الموظف اتجاة المرافق العامة كونه مشارك في بنائها وصيانتها

5/ توفير سيولة مالية تساهم بتنفيذ المشاريع الضرورية التي تخدم المواطن بشكل مباشر

6/ توفير الاف الوظائف للمواطنين مما يساهم في خفض نسبة البطالة

7/ العمل على الحد من تحايل البعض على النظام وذالك بممارسة التجارة باسماء الغير من (الاقارب…ونحوهم) والتي تعد أحد ادوات التستر التجاري نتيجة عدم القدرة على متابعة النشاط مباشرة لعدم للتفرغ حيث يؤدي ذالك لتسليم المحل للاجنبي بمقابل زهيد.

8/ تعزيز مبداء تكافؤ الفرص بين الموظف العام الذي لديه وظيفة وبين من يمارس العمل التجاري بنفسة وغيرها من الفوائد…. والله الموفق