يروى أن مجنون ليلى خرج مع أصحابه لبجمعوا قوتهم فمروا بجبلي نعمان الذي كانت تنزل فيه ليلى؛ فأقسم قيس أن لا يبرح الجبل حتى تهب الرياح من جهة ديار ليلى فأقام ثلاثة أيام حتى هبت رياح الصبا فاطمأنت نفسه ورحل وهو ينشد :
أيا جبلي نعمان بالله خليا
نسيم الصبا يخلص إلي نسيمها
فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت
على نفس محزون تجلت همومها
وعلى ذكر هذين البيتين فقد كان للإمام ابن الجوزي زوجة أسمها نسيم وحصل أن وقع بينهما خصام فطلقها فتعبتها نفسه وندم على طلاقها فحضرت في بعض الأيام مجلس وعظه وجلست خلف امرأتين فلما رٱها تذكر حبها فاستطرد في كلامه حتى استشهد ببهذين البيتين لقيس؛ ففهمت نسيم مقصده وخرجت من المجلس؛ المفارقة أن الإمام ابن الجوزي قال بنفسه في كتابه صيد الخاطر إن الحكمة تقتضي أن تتفكر في عاقبة الأمور؛ ومع ذلك عجز هو رحمه الله أن يتفكر في عاقبة طلاقه من نسيم ولم يفكر في حبه لها فظل نفسه تندم على الطلاق !! وتأمل كم من رجل حكيم قد غابت حكمته في لحظة غضب وسكرة حزن ولوعة الحب وتأمل قول الله سبحانه عن موسى عليه السلام ( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ ) وكأن الغضب كان هو المتحدث والمسيطر حينها فلما سكت الغضب بانت الأمور على حقيقتها