من أعظم نعم الله التي أنعم بها على عباده – بعد نعمة الهداية إلى دين الإسلام -: ما سخَّر لهم من عباده الناصحين الصادقين من إخوانهم في الدين حين يُذكِّرونهم بالله ، وحين يُبصِّرونهم بعيوبهم، وحين يرشدونهم الى مواطن العِلل ، فيبلُغون بذلك أوفَر حظٍّ من التوفيق.
و قد أمر الله تعالى الأنبياء بالنصح لأقوامهم لهدايتهم و إخراجهم من الظلمات إلى النور فقال عز و جل إخباراً عن نوح عليه السلام: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ }.
وعن هود عليه السلام: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}.
وعن أبي رقية تميم بن أوسٍ الدارس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”الدين النصيحةُ” قلنا: لمن؟ قال:” لله، ولكتابه ، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم”.
فالنصيحة لله، بإتباع أمره، ونصرة دينه، والتسليم له في حكمه والنصيحة لرسوله صلى الله عليه وسلم باتباع سنته، وإكرام قرابته والشفقة على أمته. والنصيحة لكتابه، بتدبر آياته، وإتباع مأموراته، وتحسين تلاوته. والنصيحة لعامة المسلمين، بالذب عن أعراضهم، وإقامة حرمتهم والنصرة لهم في جميع أحوالهم، جلبا ودفعا. والنصيحة لخاصتهم، بالطاعة للأمراء، إلا في محرم مجمع عليه، والتصديق للعلماء إلا فيما لا يهدي العلم إليه، وللفقراء بالتسليم فيما لا إنكار يجب عليه.

النصح لعامة المسلمين بلا استثناء إنما يكون بإرشادهم لما ينفعهم في دنياهم وأخراهم , وإعانتهم في قضاء حوائجهم ، وستر عوراتهم , والدفاع عن أعراضهم ، وبدفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم وبأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. قال تعالى:{إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةَ}
وعن جرير بن عبد الله قال:
“بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم”.

هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم …