‏بعد عقودُ طويلة من إقصاء الأنثى من الحياة العامة هاهيّ تعود لتمارس دورها كجزء من المجتمع له حقوق وعليه واجبات ، العقود الطويلة مضت وبقي التخلص من أثارها العميقة التي وجدت بالحياةِ العامة على وجه العموم وحياة الأفراد على وجه الخصوص في السابق كانت المرأة محاطة بقائمة من المحرمات والممنوعات بسلطة الفتوى والعادات والتقاليد التي تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل ، عمل المرأة بغير قطاع التعليم حرام لا يجوز لأن في ذلك مفسدة عظيمة وعدم تمسكها بالرأي الحنبلي ورأي شيوخ المدرسة الوهابية في قضايا العمل والاختلاط والحجاب يعني عصيان الله ورسولة الذي أوصى امته بالنساء في كذا موضع ، نعيش عصر يختلف كلياً عما سبق من عصور عصر شع فيه نور الحرية والحقوق والتقدم والمشاركة والمساواة وعدم الإقصاء ، دخلت المرأة معترك الحياة العملية فأثبتت جدارتها وتميزها وكيف لا تتميز وهيّ أيقونة أي عملية تقدمية ، لقد أصبحت الحاجة ملحة لأن يتخلص المجتمع من ممارسة إقصاء الأنثى بعد أن بات الواقع مرحباً بها دون استحياء فكيف يرحب بها الواقع وهناك ممارسات اقصائية تشجع امتهان الأنثى وتعمق شروخ التشوه الذي أصاب النفس السعودية بسبب خطاب الفكرة الصحوية ، إقصاء الأنثى من المدارس والجامعات بحجة مراعاة الخصوصية انتج أجيالاً مشوهة تظن أن وجود إمرأة ورجل في مكانِ عام رذيلة وخطوة أولى نحو المضاجعة ، لكي يتخلص المجتمع من التشوهات الفكرية والسلوكية التي أصابته فإن الخطوة الأولى تكمن في إحلال الحياة الطبيعية السليمة محل فصل الجنسين عن بعضهما البعض في الجامعات كمرحلةِ أولى فعندما تتواجد الطالبة مع أخيها الطالب بنفس القاعة الدراسية فهذا يعني شيوع الإبداع والتنافس وحلول مفاهيم الاحترام وحسن الخلق محل التنمر والترصد الذي يبرره البعض بالإعجاب وهو في الحقيقة محاولة اكتشاف ذلك الجنس الغائب لا أكثر ، اختلاط الطلبة والطالبات في الجامعات اختلاطُ محمود هذا إذا سلمنا أن الإختلاط فكره حقيقية لا تشوبها شائبة ، لنتأمل قليلاً لماذا المجتمعات تحلق بجناحين ونحنُ نُحلق بجناحِ واحد السبب في ذلك عدم إقصاء الأنثى بأي حُجه وبلا مُبرر ولن تتمكن من ممارسة دورها في المجتمع وهيّ حاضرة بمواقع رغماً عن البعض وغائبة كرهاً عن مواقع بمرراتِ وهمية لولا الفكر الإقصائي الرفضي لما كان ذلك ، لنأخذ الأمر بمنطق الجدية وصوت العقل ولنترك وساوس الشيطان جانباً ففصل الجنسين عن بعضهما البعض ليس وسيلة لحماية الفصيلة كما يعتقد البعض بل كارثة إنسانية بحق المجتمع فالفيضلة قيمة لا يحميها الفصل والتمييز بين الجنسين بل يحميها الوعي والتربية السليمة التي لا تكون سليمة إلا إذا نشأ الجنسين في بيئةِ خالية من الحواجز والحدود الفاصلة .