عانى الوطن من الفساد كثيراً وتعثرت بسببه التنمية طويلاً وتخلى بعض المواطنين عن أحلامهم بسبب ذلك الداء العضال الذي لا يجدي معه إلا الاستئصال الكامل بقوة الأحكام القضائية ومشاركة المجتمع في الرقابة والمحاسبة بشكلِ مباشر ، مناطق الأطراف بالشمال والجنوب تعيش خارج الزمن فتنميتها هشه وينقصها الشيء الكثير ، المدن الكبرى بحالِ افضل لوكانت بنيتها التحتية مكتملة وذات معايير عالمية ، يكفي لكشف جريمة الفساد جولة واحدة بحي واحد بأي مدينة فالمتجول سيرى العجب العُجاب وسيكتشف أثر ذلك المرض “الفساد” على الناس ونمط حياتهم ومستوى معيشتهم و مسكنهم الذي ليس مُلكاً شخصياً في الغالب .
الهيئة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد وبقية الأجهزة الرقابية تعيقها البيروقراطية لكن مع تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد 4 نوفمبر 2017م جعل الجهات الرقابية محل اختبار حقيقي في مواجهة الفساد بشتى صورة وفق مبدأ كائناً من كان ، مواجهة الفساد ليست بالأمر الهين لكن تركها أمرُ صعب فمن وظائف الدولة الإدارة والتنظيم وتحقيق احلام الناس ومكافحة الجريمة أياً كان مصدرها ومبررها وما الى ذلك من وظائف الدولة التي لا يختلف عليها اثنان ، بلا شك هناك إصرار من السلطة السياسية العليا لمكافحة الفساد وتطبيق مبدأ كائناً من كان والشاهد على ذلك حملة المكافحة التي عُرفت اعلامياً بالريتز كارلتون ، ذلك الإصرار يبعثُ الطمأنينة بالنفوس ويُسقي بذور الأمل في غدِ مُشرق خصوصاً ونحن كمجتمع نعيش تغيرات اجتماعية واقتصادية ستضعنا بخيار التعددية الشاملة 2030 رغماً عن الظلاميين ومن يعشق الماضي القديم الذي استفاد منه فئة قليلة من البشر ، لكي تستمر مكافحة الفساد فلا بد من الإبقاء على الطابع المؤسسي لذلك الدور ولا بد من وجود صحافة حُرة تكشف الحقائق وتضع النقاط على الحروف ولا بد من مشاركة شعبية حقيقية وهذا يتطلب تفعيل وتعديل وتحديث مجلس الشورى ومجالس المناطق والمحافظات والمجالس البلدية لتصبح مجالس منتخبة بصلاحياتِ تشريعية برلمانية رقابية تضع المسؤول والجهات الحكومية والخدمية امام المحاسبة والمسألة التي لا مفر منها ، مهما كانت سرعة عجلة التنمية ومدى طموح القائمين على دفع تلك العجلة فإن الفساد سيعرقل تلك العجلة ويحرف مسارها ويجعلها تسير ببطء يشعر به البسطاء من الناس الذين يرون في التنمية حياة سعيدة مليئة بالوظائف والرفاهية وتحقيق حلم السكن والخدمة التعليمية والصحية المتميزة ، لا تنمية حقيقة متميزة ولا رفاهية وخدماتِ راقية في ظل وجود الفساد الذي ينمو يترعرع وينمو في بيئة الأحلام وضعف السلطة الرقابية التي تسير في اتجاه هذا قوي وهذا ضعيف وهذا لا نعلم عنه شيئاٌ فالدول المتقدمة لم تتقدم إلا بعدما كافحت الفساد كجريمة مكتملة الأركان واشركت المجتمع في ذلك عن طريق صندوق الاقتراع ..