أعــادت وزارة العمـل والتنمية الاجتماعية مسمى “التســول” لمكـاتبها بعد مرور 11 سنة على تغيير مسمى مكاتب مكـافحة التسـول إلى مكـاتب “المتابعة الاجتماعية”..، وتلك المكاتب تتواجـد فـي 12 مدينـة فقـط هـي: الريـاض، ومكـة المكرمة، وجـدة، والمدينة المنورة، وحـائل، والدمــام، والطـائف، وأبهـا، والأحســاء، وتبـوك، وبريـدة، والخـرج والتسـول قضيـة غيـر منتهية حتـى تاريخـه، وتعديل المسميات وأن كـان الأخير هو الصائب لن يحل المشكلة، ووزارة العمـل والتنمية الاجتماعية بأمكاناتها المتواضعة لا تستطيع كبح جماح تلك الظاهرة البعيدة عن روح الإسـلام، والبعيدة عن الحضـارة والسـلوك الحضـاري بشكـل كبيـر، وهـي تخرج من باب لتعود من أبواب عديدة وأنماط لا تخفى على أحـد.

إن تفاقم وزيادة التسـول في مجتمعنا وبشكـل لافت للنظـر، وبالذات من غيـر السعـوديين، الذين اتخذوا الإشارات المرورية، والفنادق، والمستشفيات، وحتى المقابر، وبيوت العزاء، والزواجات، وغيـرها أمـاكن رئيسة لتواجدهم فيها، مع لبسهم للزي السـعودي واصطحاب النساء للأطفال فـي كـل الأوقـات يحتـاج إلى وقفـات جـادة؛ فالتسـول ليس بالجديد، وكـان المتسـولون قلة قليـلة، ولكنهم فـي السنـوات الأخيـرة أصبحوا يشكلون ظاهـرة سلبية لا تنتمي لمجتمعنا، ولكـنه ابتلي بهـم وبطمعهم وحيلهم ولقـي هـؤلاء مـن يعطـف عـلى مشاعـرهم الكـاذبة ودموعهـم السخيـة وأصـواتهم الشجيـة، وماعـلم المنفقون لمن يدفعون؟ وأين تذهـب أمـوالهم فهي لا تذهـب للضعفـاء بل لعصـابات وتنظيمـات ترمـي بهؤلاء الأطفـال والنسـوة والعجـزة في الشـوارع والأحيـاء، والأسـواق، وكـيف يؤخذ منهم المحصـول مقابل مبـالغ تسـلم لأهلهـم فـي بلدهـم، ولعـل ما كـشفته وسـائل التواصـل الاجتمـاعي من القبـض على عصـابات من قبل رجـال الأمـن الأبطـال فـي حمـلاتهم الأمنيـة يـؤكد أن هنـاك مافيـا منظمة ترعـى جلبهم تهريبـاً وإيواءاً وتـوزيعهم عـلى المناطـق باحترافيـة من النســاء والأطفـال خصـوصاً. 

هـذا العـدد الهائـل من المتسـولين يتطلب منا جميعـاً أن ننتبه لهـذا الخطـر الأمنـي والاجتمـاعي، فكيف دخل هـؤلاء إلى البـلاد، ومـن آواهـم، ومن يقـوم عليهم، ومن استخدم هـذه الطرق اللا إنسانية مـع هؤلاء الأطفـال فلن يمنعه الطمـع والجشـع وضعـف الوازع الدينـي في أن يستخدمهم في محرمـات أخـرى ليس التسـول من بينهما كجلب المخـدرات أو المـحذورات الأمنية أو ما يهـدد أمننـا ومجتمعنا. 

وما زالت الأوامـر السـامية والقـرارات الوزارية تصـدر في مجـال مكـافحة التسـول وآخـرها ما صـدر مؤخـراً من مجلس الوزراء الموقر بتحديد مهام وزارتي الداخلية، والعمل والتنمية الاجتماعية واختصاصاتها في مجال مكـافحة التسـول وتفعيل مكـاتب جديدة في المناطق الإدارية التي ليس فيها مكـاتب، واستـمرار قيـام قوة أمـن المسجـد الحـرام، وقوة أمـن المسـجد النبـوي بمسؤولية مكـافحة التسـول فـي الحرميـن الشـريفين. 

إننا بحاجـة ماسة لإجراءات وقائية تمنـع دخـول هؤلاء والضـرب بيد من حديـد على من يجلبهم وينقلهم ويؤيهم ويشـرف عليهم من عصابات منظمة، ونأمـل من الجهتين اللتين وجه مـجلس الـوزراء مهامهما بتفعيل أدوارهما فلا زلنا نرى الدوريـات الأمنيـة ورجـال المـرور يمـرون بهؤلاء المتسـولين ولا يحركـون سـاكناً، بل إن المتسـولين أنفسهم يسرحـون ويمرحـون بأمان وطمأنينة لأنهـم يعلمون بأنه لم ولن يتعـرض لهم أحـد وهذا ما ألفـوه. 

ولا شــك أن عصـابات التسـول المتخفية بلباس العـوز والحـاجة، واستغـلال طيبـة المجتمـع ومحبتـه للخيـر وبذله، ستبقـى خطـر عـلى أمـن البـلاد والعبـاد حينما توظـف تلك الأمــوال بطـرق غيـر مشـروعة!
أننا نرفـع صـوتنا بمطالبة الجهـات المسـؤولة بأن تأخـذ دورهـا بشكـل يبعـث الاطمئنان، وأن تأخـذ المسـألة بمحمـل الجـد، وما دام أن الغالبية العظمى من المتسولين هم من غيـر السعـوديين فلماذا لا يرحلون إلى بلدانهم، والمواطنون تدرس حالتهـم ويقدم لهـم العـون والمسـاعدة وفق مالدى وزارة العمـل والتنمية الاجتماعية من برامـج مخصصة لذلك، أما غيـر السعـودي فيجب عـدم التردد بالترحيـل بالإبعـاد لأنه قـد تـكون المخـاطر أكبـر من قضيـة التســـول!!

ولا ننسـى الدور الكـبير عـلى المـواطن و المقيـم بأن يصـرفوا صـدقاتهم وزكـاتهم لمن يقـوم عليهـا من الجمعيـات أو تفقـد المتعففين من الأسـر والأفـراد وألا يقدموا لهؤلاء المتسـولين أي مبلغ قـل أو كـثر وألا يتعاطفوا معهم فـي أي مكـان وزمـان.