بين الحين والآخر تسعي ” صدى ” إلى الغوص في تاريخ الماضي؛ لتأتي بكنز جديد من التراث الذي يحمل معاني خاصة وروحانية، إلى جانب القيمة التاريخية التي لا جدل فيها.

ننشر لكم مخطط المعماري فهمي مؤمن بيه الذي كلف عمل التصميمات المعمارية للتوسعة الأولى للحرم النبوي في المدينة، والذي يوضح أهمية الحرم النبوي بصفته نواة للمعمار الإسلامي، ورعت رسومات المعماري فهمي مؤمن الحفاظ على العمارة العثمانية الموجودة؛ ” حرصا على استمرارية روح المعمار وسماته من المسجد القديم إلى التوسعة ” .

وكان الملك عبد العزيز آل سعود، قد أصدر أوامره بإعداد ما يلزم من دراسات لبناء وتوسعة المسجد النبوي الشريف بعد أن بلغه أن ” الناس يشعرون بالضيق الشديد أيام المواسم، وأن المسجد ضاق بالمصلين والزوار، كما بلغه أن بعض الأعمدة والجدران تصدعت.

وأعلن الملك عبد العزيز في خطاب وجهه للمسلمين في شهر شعبان 1368 هـ (1948) عزمه على توسعة المسجد النبوي، وبدأ العمل في عام 1951 واستغرق 5 سنوات، وافتتحه الملك سعود بن عبد العزيز بعد وفاة والده في عام 1953، وساهمت التوسعة في زيادة مساحة المسجد إلى 3 أضعاف، وأضافت مساحة جديدة تقدر بـ11 ألف متر مربع، مما رفع الطاقة الاستيعابية للمسجد إلى 28 ألف مصلّ، كما أضيفت أجنحة جديدة إلى الشرق والغرب من المسجد الأصلي، وأقيمت مئذنتان على الطراز المملوكي.

وأقيمت التوسعة على شكل هيكل من الخرسانة المسلحة، مكون من أعمدة تحمل على رؤوسها عقودا مقوسة مغطاة بالحجر الصناعي، مزخرفة بقطع بيضاء ورمادية اللون، وتنتهي هذه العقود إلى السقف، ووضعت أسماء الصحابة بين العقود، كما كانت عليه العمارة السابقة، في دوائر مذهبة جميلة.

وصنعت رؤوس الأعمدة مكسوة بتيجان من النحاس الأصفر الذهبي، المنقوش بأنواع بديعة من الزخرفة، في مصر حيث كان مكتب مشروع التوسعة فتح لشرائها اعتمادا بـ15 ألف جنيه في أحد بنوك مصر آنذاك. وفوق التيجان، يوجد جزء مربع مزخرف، وفوق هذا الجزء، وضعت مصابيح كهربائية، 4 من كل جانب، مصنوعة من النحاس الأصفر والزجاج المتين في شكل فخم جميل.

وأما قواعد الأعمدة، فقد كسيت بالرخام الأسمر المجزع، وجذوعها دهنت باللون الأبيض الناصع في أول بنائها، وبقيت على هذه الحالة مدة طويلة.