كثيرا مانسلط الضوء على تلك النماذج التي تسيء للتعليم سمعةً وأثراً أولئك الذين يمتطون صهوة الوظيفة متجردين من معايير الإنسانية متغافلين تلك النماذج البراقة المثقلة بأكوام الاحاسيس والتي تعتبر سنداً تتوكأ عليه المرشدة الطلابية لتتجاوز بطالباتها أي عرقلة تعيق تقدمهن ..
وحقيقةً تجربتي في الارشاد الطلابي داخل مدرسة ابتدائية كانت تحمل مواقف ساخنة وأخرى هادئة فتحت المدارك حول اختلاف تلك الشخصيات التي يتلقى منها أبناءنا تعليمهم ، والتي تعتبر حجر الأساس في دافعيتهم نحو التعليم ..
فكما أن هناك شخصيات قد تُحدث ألماً يلازمهم طوال مرحلة الدراسة وترسم في مسرح ذاكرتهم مواقفاً وكلماتً لاتنسى من شدة ألمها ،
فإن هناك شخصيات تستحق أن يشاد بها وأن تحتل مكاناً بين كتاباتنا ، تحتل مكاناً في قلوبنا لتقبع بمنزلٍ دائم في ذاكرتنا وذاكرة طلابها ..
أين نحن من تلك المعلمة التي تكنس الفصل بنفسها ليس ذلك حديثاً تم نقله إليّ ولاحُكي لي من صديق بل شاهدتها بعيني لأقف دقائق أمام باب الفصل لأمتع ناظري من خلف زجاج الباب المغلق باخلاص تلك المعلمة التي لم تتهيأ لها الظروف لتجد العناية اللازمة لفصل طالباتها فتُقْدِم هي بنفسها على تهيئة بيئة نظيفة لبنياتها اللاتي اجتمعن في زاوية الفصل ليلعبن بالألعاب التي وفرتها لهن حتى لاتتعرض إحداهنّ للخطر أثناء انشغالها في كنس الفصل .
أين نحن من تلك المعلمة التي تفوقت على ظروف طالباتها النفسية والأسرية لتفاجئني بإذاعة صباحية من طالبات كُن من الحالات الفردية التي وقفت عاجزة كمرشدة جديدة في المدرسة من مساعدتهن على تجاوز الخجل والانطواء الذي يعانين منه ..
وتلك معلمةٌ أخرى تبادرني أثناء وقوفي في أروقة المدرسة لتنتشلني من مشكلة أخرى وتحلّق بالطالبة عالياً فتتحول من طالبة ترفض دخول الفصل إلى طالبة تعشق الجو المدرسي والأنشطة ، من طالبة عابسة إلى طالبة لاتفارق الابتسامة محياها ..
لن أطيل الحديث في سرد القصص والمواقف المثلجة للصدر ولكن سأقول كلمة تختصر كل تلك المواقف
هل نقدنا للمعلمين والمعلمات هز عضلات أم أنها نظرة حانية دافئة للتعديل ؟!
لماذا لانغذّي أبناءنا لبناً نقياً من الأفكار خالياً من الشوائب حول معلميهم ؟
لنكن مجتمعاً ينظر بعدسة الخير والايجابية فالنماذج الجميلة هي التي تستحق أن نهبها وقتنا في النظر إليها والحديث عنها كفانا انجذاباً نحو أخطاء الآخرين واصطيادها فهناك جانبٌ جميل في الضفة المقابلة .