قبل فترة من الزمن كان يعتقد أن مرض التصلب العصبي المتعدد ( اللويحي ) يتركز في المناطق الباردة ، إلا أنه في السنوات الأخيرة شهد العالم انتشاره بصورة واضحة في أنحاء المعمورة.

فهل ياترى يعود السبب إلى قصور العلم آنذاك في اكتشاف هذا المرض وتصنيفه ، أو ربما كان ذلك تدخلًا بشريًا أدى إلى انتشار الفيروس المسبب له ، أو تلوثًا بيئيًا اجتاح العالم بأسره، أيًّا كان السبب فهو بمشيئة رب العباد، وهو القائل -عز و جل- في كتابه المبين: “مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ”(22).

وأريد توضيح هذا المرض بشكل مبسط لجميع فئات المجتمع ، فالتصلب العصبي المتعدد عبارة عن خلل في جهاز المناعة بالجسم حيث يقوم بإتلاف الغشاء المحيط بالأعصاب ، وهذا التلف في الغشاء يؤثر سلبا على عملية الاتصال ما بين الدماغ وبقية أنحاء الجسم.

و يمكن أن نقول أنه ينقسم إلى نوعين رئيسين : النوع الانتكاسي ، والنوع التدهوري. ‏ويندرج تحت ‏النوع الانتكاسي: نوع تحدث فيه انتكاسة واحدة وبعدها تحسن كلي ، ‏ونوع تحدث فيه ‏انتكاسات متكررة ‏مع فترات تحسن جزئي أو كلي ، ويمثل هذا النوع النسبة الأكبر لهذا المرض.

أما النوع التدهوري ويمثل النسبة الأقل ، فيندرج تحته: نوع يكون التدهور فيه ‏تدريجي ومستمر ، و قد يصل المريض إلى الكرسي المتحرك، ونوع يكون التدهور فيه سريع و مستمر ، وربما يصل التدهور إلى الأجهزة الحيوية في الجسم ، وهو أندر الأنواع على الإطلاق ، وقد يؤدي إلى الوفاة – ولا مجال لإنكار هذه الحقيقة سواء على المريض أو الصحيح – وهذا يفسر لنا تباين المرضى في الاستجابة للعلاج ، لذا نجد البعض غير دقيق في تقييم حالة المصاب ، فليس كل مصاب يستجيب ويتحسن بنفس الدرجة ، كما أن بعضهم لا يكشف لك الحقيقة جهلا أو رغبة في حفظ معنوياتك وتحفيزك لبذل جهد أكبر ، أو ربما يتهمك بالكسل والتشاؤم لو تدهورت الحالة ، إلى غير ذلك من الأمور التي تواجه المريض مما لا يتسع المجال لذكرها.

و أخيرًا إن كان زمن المعجزات قد انتهى فرب المعجزات حي لا يموت – سبحانه – لا يعجزه شيء ، وإذا قضى الله أمرًا فإنما يقول له كن فيكون. فيا ربي أنزل عافيتك على كل مريض أرهقه مرضه وقل دواؤه و تعذر شفاؤه .. وأنزل رحمتك على كل ميت توارى تحت الثرى وودع أهله وأصحابه.