السهم سلاح هام في الملاحم التاريخية وورد استخدامه في آخر الزمان كما جاء عن يأجوج ومأجوج في صحيح مسلم، والله سبحانه يقول: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ) والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : (ألا إنَّ القوةَ الرميُ) صحيح مسلم ؛ والرمي في كل عصر بحسبه، فلكل عصر سلاحه وآلاته الفتاكة.

من تقدير النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب الموهبة ؛كان الرجلُ يمرُّ معَه الجُعبةُ من النبلِ، فيقولُ:(انثُرها لأبي طلحةَ)صحيح البخاري، وأما أول من رمى فسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يقول:(إني لأولُ رجلٍ من العربِ رمى بسهمٍ في سبيلِ اللهِ)صحيح مسلم.

تعددت أغراض الرمي بالسهم: يكون للصيد كما في حديث (وإن رميتَ بسَهْمِكَ ، فاذكرِ اسمَ اللَّهِ) صحيح مسلم ، كذلك يكون للهو والمتعة والتسلية قال صلى الله عليه وسلم:(فلا يَعجزْ أحدُكُم أن يلهوَ بأسهمِهِ)صحيح مسلم، ويكون للمشاركة في المسابقات ؛تابع على تويتر الاتحاد السعودي للسهام.

يحتاج الرامي: إلى قوس منحن كالهلال وسهم مستقيم غير معوج ذي ثلاث ريش ليحافظ على انسيابية طيرانه وتوازنه في الهواء، بالإضافة إلى واقٍ للأصابع وحامٍ للذراع حتى لا يلسعه الوتر، تحديد الهدف،التركيز، القوة في جذب الوتر، ثبات القدم،هدوء البال، هذه الرياضة تعود على الصبر ؛لأن الرامي عنده إصرار على تحقيق الهدف بالمحاولة والتكرار.

وردت عدة أحاديث وآثار ذكر فيها السهم منها:

قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الخوارج:(يَمرُقونَ منَ الدينِ كما يَمرُقُ السهمُ منَ الرَّمِيَّةِ) صحيح البخاري.

وعن التشبه بالكفار قال:(لتتَّبعنَّ سَننَ من كانَ قبلَكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّةِ حتَّى لو دخلوا جحرَ ضبٍّ لدخلتُموه)صححه ابن تيمية ،والقذة: هي ريشة السهم.

وقال: (لا سَبَقَ إلَّا في نَصلٍ أو خُفٍّ أوحافِرٍ) صححه الألباني والنصال هي السهام اجاز العلماء أخذ العوض في مسابقات الرمي بالأسلحة الحديثة.

النعمان بن بشير يصف لنا تسوية النبي لصفوف الصلاة فقال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يسوي صفوفَنا .حتى كأنما يسوي بها القداحَ )صحيح مسلم.

الكلام يؤثر بقدر تأثير ضربات السهام ؛لذلك قال النبي في شعر ابن رواحة رضي الله عنه: (اهجوا قريشًا فإنَّهُ أشدُّ عليْهم من رَشقٍ بالنَّبلِ) صحيح مسلم، فقال ابن رواحة: (والَّذي بعثَكَ بالحقِّ لأفرينَّهم بلساني فريَ الأديمِ)صحيح مسلم.

ومن مواقف النبي في العدل: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عدَّلَ صفوفَ أصحابِه يومَ بدرٍ وفي يدِه قدحٌ (سهم)يعدِّلُ به القومَ فمرَّ بسوادِ بنِ غَزيَّةَ وهومُسْتنتِلٌ من الصفِّ فطعن في بطنِه بالقدحِ وقال استوِ يا سوادُ فقال يا رسولَ اللهِ أوجَعْتَني وقد بعثك اللهُ بالحقِّ والعدلِ فأقِدْني قال فكشف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن بطنِه وقال استقِدْ) حسنه الألباني.

حرص النبي آلا يخدش مسلم فكيف بقتله قال: (إذا مرَّ أحدُكم في مسجدنا ، أو فيسُوقِنا ، ومعه نبلٌ ، فليُمسك على نِصالها، أو قال فليقبض بكفِّهِ ، أن يُصيبَ أحدًا من المسلمين منها بشيٍء) صحيح البخاري ؛حتى لا يمسسهم السهم بسوء

وفي رمي البهم الشاردة بالسهم قال(إنَّ لهذهِ البهائمِ أوابدَ كأوابدِ الوحشِ ،فما ندَّ عليكمْ منها فاصنَعوا به هكذا )صحيح البخاري.

من عادات الجاهلية قال ابن عباس: (فإنَّ الرجلَ في الجاهليةِ كان يحلفُ، فَيُلْقي سَوْطَهُ أو نَعْلَهُ أوقَوْسَهُ )صحيح البخاري.

أمر النبي في وقت الفتنة بكسر السلاح والقوس قال : (إنَّ بينَ يديِ السَّاعةِفِتَنًا…فَكَسِّروا قَسيَّكم وقطِّعوا أوتارَكُم واضرِبوا سيوفَكُم بالحجارةِ )صححه الألباني.

الصدق مع الله: (أنَّ رجلًا منَ الأعرابِ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فآمنَ بِه..فلمَّا كانَت غزوةٌ خيبرَ غنِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فيها شيئًا، فقسَمَ وقسمَ لَه فقال: ما هذا؟ قال: قسَمتُه لَكَ،قال: ما علَى هذا تبعتُكَ، ولَكن اتَّبعتُك علَى أن أُرمَى إلى هاهُنا، وأشارَ إلى حَلقِه بسَهمٍ،فأموتَ فأدخُلَ الجنَّةَ فقال: إن تَصدقِ اللَّهَ يَصدقْكَ، فلبِثوا قليلًا ثمَّ نَهضوا في قتالِ العدوِّ، فأُتيَ بِه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يحملُ قد أصابَه سَهمٌ حيثُ أشارَ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: أَهوَ هوَ؟ قالوا: نعَم، قال: صدقَ اللَّهَ فصدقَهُ) صححه الألباني.

من أفواه الحكماء:
(إنما أنا سهم من كنانتك)، (لولا السهم ما انحنى القوس)، (السهام كثيرة والدرع واحد)، (وكل بطاح من الناس له سهم بطوح)، (لولا فراق السهم وتره لم يحظ بفضل الإصابة)، ( مع الخواطئ سهم صائب)، ( السهم الذي لا يقتلك فإنه يصيبك)، (رب رمية من غير رام)، (لا ترم نفسك بين السهم والهدف)، (انحنى ظهر أبي فقال: أنا القوس وأنتم السهام)، (رموه عن قوس واحدة)، ( أنت سهمي الذي أرمي به فلا أخطئ)، (اختلط الحابل بالنابل)،(الكنانة ما تفييدك لضاع السهم)، ( لا ترم بكل سهامك احتفظ ببعضها وقت الحاجة)،(من لا يخلص لا يتعب فهو كالذي يمدالقوس وما لها وتر)، (الكلام كالسهام تدفعه النية الصادقة)، (على النابل أن يتأنى فالسهم متى انطلق لا يعود)، (كالقوس يحفظ عمدا وهو ذو عوج// وينبذ السهم قصدا لا ستقامته)،( قيل لرجل فلان شتمك في أحد المجالس فقال: هو رماني بسهم ولم يصبني فلماذا حملت أنت السهم وغرسته في قلبي).

نقاط على عجل بسرعة السهم:

النظر المحرم فتنة تفتك بالقلب ومرسل النظرات يقع صريعا لها، كمايقال النظر سهم مسموم من سهامابليس
يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا // أنت القتيل بما ترمي فلا تصب

وقال آخر:
كل الحوادث مبداها من النظر // ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتك في قلب صاحبها // فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والعبد ما دام ذا عين يقلبها // في أعين الغيد موقوفا على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجته // لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

يقال أن سعد بن عبادة سيدالخزرج قتله الجن وهذا هو المشهورعند المؤرخين وجد ميتا فسمعواقائلا يقول:
نحن معشر الجن قتلنا سعد بن عبادة //رميناه بسهم فلم نخطئ فؤاده
والعيني في شرح البخاري يقول أنهم أصابوه بالعين والله أعلم، وبالمناسبة نحن نقول عن العائن: (نضول)؛ فهو كالسهم مقلته والقوس حاجبه، والنضل: هو السهم،فالعين تصيب كإصابة السهام.

الدعاء: سهام نطلقها في أوتار الليالي والدعاء من أقوى الأسباب في حصول المطلوب ودفع المكروه،وإذا لم تجتمع شروطه وتنتفي موانعه يصبح الدعاء بمنزلة القوس الرخو جدا فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا كما يقول ابن القيم،ودعوة المظلوم سهم لا يخطئ.
سهام الليل لا تخطئ ولكن // لها أمد وللأمد انقضاء

تفهم طبيعة المرأة واصبر على اعوجاجها قال صلى الله عليه وسلم: (واستَوْصوا بالنِّساءِ خَيرًا، فإنَّهنَّ خُلِقنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعلاه،)صحيح البخاري ، ولولااعوجاج القوس ما انطلق السهم ولولا اعوجاج الحاجب لما بان جمال العين، سامحها، تغافل عن زلاتها،لاطفها، أحسن إليها.

التعاون على البر والتقوى طريق إلى الجنة: ( إنَّ اللَّهَ يدخلُ بالسَّهمِ الواحدِ ثلاثةَ نفرٍ الجنَّةَ صانعَه يحتسبُ في صنعتِه الخيرَ والرَّاميَ بِه ومنبِّلَه)حسنه ابن حجر كذلك القوس لا تعطيك قوتها //حتى يكون لها عون من الوتر

دفاع الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم : وكان أبو طلحةَرجلًا راميًا…فأشرَف النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ينظُرُ إلى القومِ، فيقولُ أبو طلحةَ : يا نبيَّ اللهِ، بأبي أنت وأمي، لا تُشرِفْ يُصِبْك سهمٌ من سهامِ القومِ، نحري دون نحرِك)صحيح البخاري، يقول أبو بكر نظرت إلى ظهر أبي دجانة فإذاظهره كالقنفذ من السهام.

المناظرات: لا ينبغي لشخص أن يدخل في حوار إلا وقد أحاط به علما وتسلح بالحجج والبراهين، فلاتذهب وفي جعبتك سهم واحد أواثنين فقد يتخلص منها بحنكه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِيبِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ).

اعط القوس باريها: كن متواضعا واستعن بذوي الاختصاص وأهل المعرفة والحذق وتذكر بأنك لا تعرف كل شيء وأنزل أهل الاختصاص منازلهم.

في تعاملك مع الناس تذكر أن منهم من يدفع دفعا كما يدفع السهم عن القوس والآخر يجر جرا كما تجر العربة: (عجِبَ اللهُ من قومٍ يدخلون الجنةَ في السلاسلِ) صحيح البخاري.

الفتور: قد تفتر الهمة نحو بلوغ الهدف استعد طاقتك ونشاطك ؛وشد وتر القوس فإنه قد يرتخي.

إذا رجعت خطوة للخلف فلاتيأس فالنجاح احيانا كالسهم يحتاج أن تجذبه للوراء لكي ينطلق بأقصى قوته وسرعته إلى الأمام في تحقيق الهدف.

• اضرب بسهم في كل أبواب الخير فلا تسمع باب من أبواب الخير إلاولك فيه سهم لعل الله يرحمك معهم: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

آخر ما في الجعبة
اللهم اهدنا وسددنا ولا تجعل قلوبنا في أكنة، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، قال صلى الله عيله وسلم(لَقابُ قوسٍ في الجنَّةِ خيرٌ ممَّا تطلُعُ عليه الشَّمسُ وتغربُ) صحيح البخاري.