اجتمع العلماء على أن تخصيص ليلة السابع والعشرين من رمضان بعمرة ” بدعة ” لم ترد في الشرع، ولا يوجد على هذا التخصيص دليل في الكتاب أو السنة أو عمل سلف الأمة، إضافة إلى ما يترتب على هذا الفعل من ضيق ومشقة وضرر بالمصلين في المسجد الحرام مما قد يفوت على الكثير صلاة القيام المأمور بها شرعاً في تلك الليالي.

وفي السياق نفسه، قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في كتابه ” الشرح الممتع ” : ” هنا مسألة يفعلها كثيرٌ من النَّاس، يظنون أنَّ للعمرة في ليلة القدر مزية فيعتمرون في تلك الليلة! ونحن نقول: تخصيص تلك الليلة بالعمرة بدعة؛ لأنَّه تخصيصٌ لعبادة في زمن لم يخصصه الشارع بها، والذي حث عليه النَّبيُّﷺ ليلة القدر هو القيام الذي قال الرسولﷺ فيه: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ” .

وتابع ” ابن عثيمين ” قائلًا: ” لم يُرغِّب في العمرة تلك الليلة، بل رغَّب في الشهر فقال: ” عمرة في رمضان تعدل حجاً “، فتخصيص العمرة بليلة القدر، أو تخصيص ليلة القدر بعمرة هذا من البدع ” ؛ فيما قال في تسجيل صوتي: ” قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” عمرة في رمضان تعدل حجة ” ، وهذا يشمل أول رمضان وآخر رمضان، أما تخصيص ليلة سبع وعشرين من رمضان بعمرة فهذا من البدع.

وتابع: ” لأن من شرط المتابعة أن تكون العبادة موافقة للشريعة في أمور ستة: 1 ـ السبب. 2 ـ الجنس. 3 ـ القدر. 4 ـ الكيفية. 5 ـ الزمان. 6 ـ المكان، وهؤلاء الذين يجعلون ليلة سبع وعشرين وقتاً للعمرة خالفوا المتابعة بالسبب؛ لأن هؤلاء يجعلون ليلة سبع وعشرين سبباً لمشروعية العمرة، وهذا خطأ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحث أمته على الاعتمار في هذه الليلة، والصحابة رضي الله عنهم وهم أحرص على الخير منا لم يحثوا على الاعتمار في هذه الليلة، ولم يحرصوا على أن تكون عمرتهم في هذه الليلة ” .

وأشار إلى أن : ” المشروع في ليلة القدر هو القيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ” ، مستطردًا: ” فإن قال قائل: إذا كان الرجل قادماً من بلده في هذه الليلة وهو لم يقصد تخصيص هذه الليلة بالعمرة، وإنما صادف أنه قدم من البلد في هذه الليلة واعتمر هل يدخل فيما قلنا أم لا؟ فالجواب: أنه لا يدخل؛ لأن هذا الرجل لم يقصد تخصيص هذه الليلة بعمرة. ”

وفي نفس الجانب، أوضح عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، قائلًا: ” تخصيص العمرة ليلة سبع وعشرين ولا يعتمر بغير ليلة سبع وعشرين هذا لا دليل عليه ثم أيضاً ليلة سبع وعشرين أصبح الخطر فيها شديداً؛ زحام كثير وشاق حتى إن بعضهم يخلع الإحرام ويخرج من مكة ويترك العمرة بسبب الزحام والخوف من الخطر، يجلس إذا كان معه نساء أو أطفال كثير منهم يخلعون الإحرام ثم يسألون فيما بعد نحن فعلنا كذا وكذا. ”

ثم تساءل قائلاً: ” من اضطركم لأن تذهبوا في هذه الليلة، اذهبوا في أول الشهر في وقت السعة أو في أول العشر أو في وسط رمضان فأنتم الذين فعلتم هذا الذي لا أصل له ثم تصرفتم هذا التصرف السيئ. ” ؛ بينما قال الشيخ خالد المصلح: ” ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في عمل الصحابة ما يدل على فضيلة تخصيص ليلة سبع وعشرين بالعمرة، بل إن هذا من المحدثات التي أحدثها بعض الناس. ”