لكل حقبة زمنية رجالها ولكل حقبة زمنية ما يميزها عن غيرها من إيجابيات وسلبيات داخل المجتمع الذي يُسلط الضوء عليه وهذا ما رأيناه في مسلسل “العاصوف” الذي يعرض هذه الأيام ويستمر لخمسة أجزاء قد تنتهي عند حقبة عام 1415هـ بعد أن رأينا أول مشهد في العمل وصوت إذاعة الرياض يشدو هنا الرياض ويظهر تاريخ الأحداث الذي سيكون في جزئه الأول من عام 1390هـ إلى وفاة الملك فيصل رحمه الله في العام 1395هـ.

ما يميز مسلسل العاصوف أنه أول عمل درامي سعودي يُسلط الضوء على حياة أهل الرياض وبساطتها في بداية التسعينات الهجرية إلى وصول الطفرة وتطور المجتمع بالشكل الذي نراه الآن خاصة وأن الكثير منا لم يعش فترة التسعينات وما صاحبها من أحداث مجتمعية وسياسية فهذه فرصة كبيرة لكي نرى الماضي بشكله الجميل.

بعد عرض الحلقات الأولى من العاصوف ثارت ثائرة البعض على ما قدم من مشاهد في العمل رآها البعض أنها خادشه للحياء وأنها لا تعكس حياتنا في تلك الفترة ورأى آخرون أن موديلات السيارات الموجودة في المسلسل هي أقدم من فترة السبعينات التي صورت فيها وهذا في نظري أمر طبيعي جداً وقد يحدث لأنه ليس من الوجوب أن يكون الشخص يمتلك آخر طراز من السيارة وخاصةً في تلك الفترة، أما ما يخص بعض المشاهد التي عرضت ولاقت استهجان البعض فهذا مجتمع كأي مجتمع طبيعي غير ملائكي يوجد فيه بعض السلوكيات الغير جيدة والعكس صحيح فمن باب المنطق أن لا تكون كل الأفعال حميدة وصحيحة ولا يوجد فيها ذرة من الأخطاء فهم بشر يحدث منهم ما يحدث لغيرهم وليس من المنطق كذلك أن كل ما يحكى عن المجتمع قديماً أن يكون صحيحاً وليس شرطاً أن يكون ما يقدمه العاصوف في هذه الفترة صحيحاً في مشاهده قد تخفى بعض الأمور ولا تقال بغض النظر عن الأسباب.

يتضح من العمل بشكل عام حبكته الدرامية وحبكته الإخراجية والاهتمام بأدق تفاصيل العمل من ديكورات وملابس ومواد غذائية داخل الدكاكين وطريقة الحياة

بشكل كامل وهذه الأمور قل من يهتم بها في وقتنا الحاضر بعيداً عن الأسباب ولكن ما لا أراه مناسباً وأظنه مبالغاً فيه هو طريقة علاقة الأطفال ببعضهم فدائماً تكون علاقتهم علاقة براءة لا يشوبها شيء وليست علاقة حب أو عشق وخاصة أنهم في مرحلة الطفولة، أما الأمر الآخر المبالغ فيه والذي لا يرقى أن يعرض على الشاشة أو أن يكون ضمن تلك الحقبة الزمنية حتى لو كان متواجداً بالفعل وهو مشهد المرآة المتزوجة والمتعرفة على ابن الجيران وتطلبه أن ينام في بيتهم، فهذه بعض الملاحظات التي كانت على العاصوف في أول الحلقات ولكن لعل الباقي من الحلقات تكون بشكل أفضل.

في الختام:

الاهتمام بأدق التفاصيل أصبح من المنسيات في الأعمال الدرامية وهذا ما ميَز العاصوف عن غيره.