كالعادة تفرض اللهجة المصرية مفرداتها على المشاهد العربي في أي مكان، حيث أصبح يتقنها بسهولة ويعرف معناها المتداول بمجرد أن يسمعها في الأفلام والمسلسلات، إلا أن الكثير من هذه المفردات المصرية، والتي ظنّها البعض عامية، هي في الحقيقة من قلب اللغة العربية الفصحى. نأخذكم في جولة لمعرفة بعض منها :

بُص.. والبسيسة والبرطمة

وتُشير كلمة ” برطم وبيبرطم ” في اللغة العربية الفصحى، إلى الغضب والغيظ، ومن الكلمات المصرية واسعة الانتشار أيضا ” البسيسة ” وهي من الأكل الحلو المذاق، وتسمى في الشام ” النمّورة ” أو ” الهريسة ” ، ومن ثم البسيسة المصرية هي قادمة من قلب الفصحى.

ويُذكر أن من أشهر العاميات المصريات، كلمة ” بُص ” بمعنى انظر وتمعّن. وهي غاية في الفصاحة أيضاً ؛ فبصّ، بصّ القوم، وبصّ الشيء، برق وتلألأ. والبصاصة العين في بعض اللغات، يقول لسان العرب. وبصّص: فتح عينيه.

خُش والخرابيش والدبلة

وتعتبر ” الخربشة والخرابيش ” من المفردات العاميات المصريات الشهيرات، وتقال عادة في الخط المكتوب غير المنتظم، وهي قادمة من أرض الفصحى، فالخربشة تعني خربشَ الكتاب خربشة أي أفسده، وخرابيش الخط: ما أفسد منه.

ومن أشهرما نسمعه في الدارج المصري، وهي كلمة ” خُش ” أي ادخل ، وتقال بقصد إدخال شخص إلى البيت، ولها مصدر فصيح كامل هو خش: المخشّ: هو الذي يخالط الناس، ويأكل معهم، ويتحدث. وخششت البعير : جعلت في أنفه الخشاش، والمخشوش : مشتق من خشّ الشيء إذا دخل فيه. وخشّوا في كذا وكذا، أي أدخِلوا.

أما كلمة ” الدبلة ” المصرية التي يشار بها إلى خاتم الخطوبة والزواج. فلها أصل في الفصيح، ويعني الجمع والتدوير والتكبير، عبر فعل يقترن عادة بحركة الأصابع.

صايع وهُسّ ويتقصّع

وكلمة ” صايع ” التي تعوّدها المشاهد العربي، في الدراما والأفلام المصرية، قادمة من أصل فصيح يحمل معنى الاضطراب والتفريق والضياع. صايع، والصيع من قولهم: تصيع الماء، إذا اضطربت على وجه الأرض، وصاع الغنم: فرّقها ، صعتُ القوم صيعاً: حملت بعضهم على بعض. وصاع يصيع.

ثم: ” هُس ” بمعنى أمر بإيقاف الصوت، فهس بالفصحى هي يهسّ بالكلام، أخفاه. والهسّ زجر الغنم. والهسيس: الكلام الخفي الذي لا يفهم. والهسهسة صوت حركة الرِّجل.

وتأتي عبارة أخرى عندما ترغب فى انتقاد أسلوب حياة شخص، بأن تقول له : ” ماشي بيتقصّع ” أو لها: ” ماشية بتتقصّع ” كدلالة على حركة مشي يقصد منها الاعتراض، وهي من الفصحى فقصع فلاناً يقصعه قصعاً، صغّره وحقّره، وقمعه قمعاً. وقصع الغلام، ضربه. وغلام مقصوع وقصيع، لا يشبّ ولا يزداد. وقصيع تقال للصبي إذا كان بطيء الشباب. وقصعه قصعة: دفعه وكسره.