تنمية السياحة الوطنية وجعلها أحد البدائل المقنعة للمواطنين السعوديين هي واحدة من أهم الأوليات التي تعمل عليها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بدعم وتوجيه من القيادة الرشيدة منذ أكثر من 17 عاما، من خلال مبادرة للحد من ظاهرة السياحة الخارجية وتوجيه حجم الإنفاق الكبير على السياحة الخارجية إلى الداخل الوطني للمساهمة في دعم الاقتصاد وتنمية الحركة السياحية الداخلية.
وفي كتابة الخيال الممكن، يروي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، واحدة من العبارات الملهمة التي قالها الملك عبد الله رحمه الله لسموه في أحد اللقاءات عام 2004م عندما كان وليا للعهد آنذاك، والتي ساهمت في بلورة وتأسيس استراتيجية تنمية السياحة الوطنية فيما بعد، حينما قال رحمه الله: ” يا سلطان، يكفينا لو أن المواطنين السعوديين يقضون إجازاتهم في بلادهم ويتعرفون عليها مع أسرهم، ونوطن الأموال الطائلة التي تصرف في الخارج ” .
يقول الأمير سلطان: ” كانت كلمات الملك عبد الله رحمه الله بمثابة الوقود الذي عزز طاقاتنا للمضي قدمًا في طريقنا بمعنى آخر؛ جعلتنا نرسخ موقع أقدامنا على تل الرمال المتحركة لنمضي في الطريق الطويل ابتداء بتأسيس البديل المقنع للمواطن السعودي؛ لتكون السياحة المحلية ضمن أوائل خياراته ” مشيرًا إلى أن هذه الرؤية تعكس حرص القيادة على ربط المواطن السعودي بوطنه كونها قيمة وطنية كبرى لها آثارها الهامة على المدى البعيد.
ويضيف سموه: ” لعله -رحمه الله- أراد من خلال هذه الرؤية أن يحد من تفاقم ارتباط وجدان بعض الأجيال الناشئة من الشباب بأماكن خارج الحدود على حساب الارتباط الوجداني والمكاني بمناطق الوطن، مما يؤدي إلى إضعاف الحس بالوطن بشكل أو بآخر ومن جهة أخرى تمثل نظرة اقصادية عميقة لتقليص نزف السيولة المادية، والحد من هجرة رأس المال الوطني إلى الخارج ” .
ويكشف الأمير سلطان بن سلمان أن الاسراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية، استهدفت منذ اقرارها الحد من تدفق الأموال خارج الوطن على السياحة الخارجية وربط المواطنين بتاريخهم ووطنهم وتعريفهم بالمقومات الحضارية والتاريخية للمملكة من خلال التركيز على تطوير وتنمية صناعة السياحة الوطنية لتصبح مصدرًا مسانداً للدخل الوطني ومولدا لفرص العمل، وزيادة المشاريع والأنشطة السياحية وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، لتوفير البدائل أمام المواطن لإنفاق جزء من مخصصاته السياحية داخل حدود الوطن.
ويشير سموه إلى أن الهيئة تنظر إلى قطاعات السياحة والتراث الحضاري على أنه صناعة مجتمعية، يجب أن تنبت من جذور الثقافة الوطنية، وأن نجاحها وتميزها في جذب المواطن يجب ألا يتوقف عند منافسة الآخرين، وإنما العمل أيضا على تقديمها كثقافة تتماشى مع الذوق العام، ثقافة تنبع من طعم ولون المقومات التي تمتلكها بلادنا من طبيعة غنية وثقافات محلية متنوعة وعادات اجتماعية عريقة وتقاليد عربية أصيلة ملتزمة بثوابت الدين الاسلامي.