البقاء في المؤخرة ليس دائماً ولا قدراً لا يسع أحد الهروب منه ، التدافع الطبيعي للبشرية يقول ذلك ولنا في التاريخ عبرة فكم من بلدِ كان يخطو نحو التقدم وفجأة تعثر وسقط وتشتت وانهارت مؤسساته واصبح عاله على محيطه ومصدر قلق أمني وجيوسياسي ، وبالمقابل كم من بلدِ كان يعيش تحت رحى التطاحن والصراعات وفجأة تغير كل شيء حرك مياهه الراكده واستعاد قيمه وبدأ يتحرك نحو المستقبل بخطواتِ بسيطة لكنها عظيمة إذا قارناها بما كان قبل ذلك .

عاش الصومال سنواتِ عجاف امتدت ل14 عاماً مليشيات مسلحة تسعى للسيطرة على ما تبقى من جسد الدولة الممزق تلك السنوات لم تغسل رفاه الماضي الذي يتذكره العرب فأرض الصومال الغنية بالثروات كانت تمد جزيرة العرب بالزكوات والصدقات ، الصراع على السلطة عاملُ مشترك في الحروب الأهلية بالقارة الأفريقية والوطن العربي ذلك الصراع ما يلبث حتى يأكل الأخضر واليابس ويتحول لصراعات طائفية عشائرية ومذهبية ودينية مسلحة ، أدرك الصوماليين أن البقاء في كنف الصراع المسلح يعني الاستسلام لثقافة الموت فأخذوا بأسباب النهوض وعلى رأسها اجتماع الكلمة ونبذ ثقافة الموت واختيار الأفضل وفق ما يعتقدونه لقيادة المرحلة الهامة والحساسة في تاريخهم الوطني ، النهوض ليس حكراً على أحد والسقوط ليس قدراً هناك أسباب من أخذ بها نهض ومن همشها سقط وأصبح من الماضي ، لو قرأ العرب المؤلفات التي تتحدث عن مواضيع تفسير التاريخ لأدركوا حقائق كانت تخفى عليهم لكنهم آثروا السير بالبركة والبركة لا تمنع التاريخ من أن يقول كلمته الأخيرة .

للصومال فرحة بولادة الحياة من جديد على ثراه الذي يختزن قصص وحكايات مريرة وللعرب فرحة بعودة ذلك الموطن الأصيل إلى الحياة بعد سنواتِ من الشقاء والعناء الذي لن ينساه من يسعى للنهوض والعودة إلى الحياة من جديد هنيئاً للصومال بخطوته التي تحمل في طياتها دروس وعبر لمن له سمعُ وبصر.