لا يكاد يخلو أي منزل من المنظفات المنزلية بأنواعها وأشكالها المتعددة التي تستخدم في تنظيف الأحواض والحمامات وتبييض الملابس وغيرها، ولكن قد يخفى على البعض مدى المخاطر الهائلة التي قد تنجُم عنها لاحتوائها على مواد سامة وقابلة للاشتعال وأول ضحية لها هم الأطفال الذين قد يدفعهم الفضول وحب الاكتشاف إلى الهلاك.

وينتج عن تلك المنظفات حروقًا خارجية من الدرجة الثانية، مع حروق أخرى داخلية سواء من خلال البلع أو الاستنشاق تبدأ من الفم والأنف وحتى المريء والقصبة الهوائية لتنتهي في المعدة أو الرئتين، وقد تكون حروقًا خطيرة تتطلب علاجات طويلة المدى وتختلف آثار الإصابة حسب شدة الحروق التي من الممكن أن تمتد لسنوات.

وفي هذا الإطار عالج مستشفى الموسى التخصصي بالأحساء حالة مرضية لطفل عمره عامين لجأ إليه مُحَولاً من إحدى مستشفيات المنطقة وهو في حالة سيئة للغاية نتيجة استنشاقه بخار يَنْهش ويأْكل في الأنسجة الرئوية ويُمزق في جسده، نتج عن تفاعل مزج ماء النار (حمض الكبريتيك المركز) مع مادة الكلورين.

دخل عبد الله الذي لم يتجاوز العامين، دورة المياه في غفلة من والدته، وبدأ يعبث ببعض مواد النظافة التي تستخدم في تبييض الملابس، فمزجهما داخل قاعدة فرشاة تنظيف الحمام، نتج عن هذا المزج تفاعلاً شديدًا حيث تناثرت محتويات الخليط وأصابته بحروق شديدة من الدرجة الثانية في يديه، كما انبعث منه غازًا أدى إلى إصابته بأزمة تنفسية شديدة.

هَرَعَت الأم نتيجة صراخ الطفل وقامت بعمل بعض الاسعافات الأولية، لكن دون جدوى إلى أن تم نقله إلى أقرب مستشفى حيث تم وضعه على جهاز التنفس الصناعي مع معالجة الحروق بصفة مبدئية.

وتدهورت الحالة إلي أكثر نتيجة تَهتُك الأنسجة الرئوية داخل الرئتين وتآكلها، بدا ذلك واضحًا من خلال صور الأشعة التي أُجريت على الطفل، ونتيجة تدهور الحالة ولحاجته الماسة إلى عناية مركزة للأطفال تم نقله فورًا إلى مستشفى الموسى التخصصي.

أوضح الدكتور أسامة قطيع، استشاري ورئيس قسم العناية المركزة للأطفال بالموسى التخصصي: أن الطفل وصل إلينا وهو في حالة حرجة للغاية نتيجة نقص الأكسجين عن أنسجة الجسم كله فوضعناه على جهاز التنفس الصناعي، لكن حالته استمرت في التدهور.. مما اضطرنا إلى وضعه على جهاز تنفس صناعي سريع جدًا (جهاز التنفس عالي التردد – High frequency respirator) الذي يعطي حوالي 500 نفس في الدقيقة، واستمر على هذا الجهاز لمدة 8 أيام.

وبقيت الحالة من عدم الاستقرار بسبب نقص الأكسجين فلجأنا إلى اضافة (أكسيد النيتريك)، الذي يساعد على توسيع الأوعية الرئوية وزيادة الأكسجين، مع العلاجات المتكاملة والمدرات والمضادات الحيوية ومراقبة التغذية بشكل حثيث، بدأ الطفل عبد الله في التحسن التدريجي وبعد حوالي 12 يوم تم فصله عن جهاز التنفس الصناعي، واستمر في التحسن التدريجي ولله الحمد والمنة إلى أن غادر المستشفى برفقة والديه وهو بصحة جيدة.

وينصح الدكتور أسامة قطيع أولياء الأمور في هذا الصدد بـ:

– في حالة حدوث أي أذى سواء استنشاقي أو مُبْتَلع يجب سرعة احضار الطفل إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي، وهذا ما قام بعمله على الفور والدي عبد الله.

– ألا يغيب الطفل في هذا العمر عن أعين والديه لأنه يكون فضوليًا ويريد معرفة كل شيء ويتحسسه وهذا أمر طبيعي للأطفال بشكل عام.

– يجب أن تكون مواد النظافة بكل أنواعها بعيدة عن متناول الأطفال، وأن تكون ضمن خزينة محكمة الاغلاق، حيث من الصعوبة أن يفتحها الأطفال.

– إن كان ولابد من وجود هذه المواد التنظيفية الخطيرة، فيجب استبدالها بمواد أقل خطورة وغير حارقة.

– أن تكون هذه المواد موجودة ضمن أوعية لا يستطيع الطفل فتحها بسهولة.