قال امرؤ القيس قبل 1600 عام مدينة حائل: ” أبت أجأ أن تسلم العام جارها، من شاء فلينهض لها من مقاتِل، تَبتْ لبُوني بِالقرَيّة أمّناً، واسرحنا غباً بأكناف حائل “.

و ” حائل ” الواقعة شمال السعودية، هو الاسم القديم الذي لم يتغير لمدينة الجبلين ” أجأ وسلمى ” أحد أشهر المعالم الجبلية في حائل بنت الجبل.

وما بين امرؤ القيس والتاريخ المعاصر، نال الأميركي ” بارون ” شهادة الدكتوراه من جامعة ميتشغان عن رسالته في تاريخ حائل وهو الذي تعلم في جامعة هارفرد في كلية ييل للحقوق، وتعد حائل من أكثر المدن السعودية جذباً للمستشرقين الغربيين في رحلاتهم للجزيرة العربية في فترات متلاحقة في القرنين الماضيين.

ولم تكن حائل محصورة ما بين الشعر والمستشرقين، فقد كانت مسرحاً كبيراً للعديد من الآثار التاريخية، بما وُجد فيها من نقوش ثمودية ولحيانية، كما تحتوي على كنوز أثرية هامة في مواقع متعددة، وجدت منحوتة في جبالها وأوديتها.
ويعد ” حاتم الطائي ” أشهر من سكن حائل صاحب الكرم والجود الشهير، والذي لا يزال السكان المحليون في حائل يتفاخرون بالكرم الحاتمي في مناسبات متعددة، كما يحتفون بجبل السمرة الذي كان يستخدمه حاتم الطائي دليل لجلب الضيوف لمنزله.

يعد الدكتور ” جورج أوغست فالين فلندي ” من أوائل المستكشفين الأوروبيين للجزيرة العربية في أبريل من عام 1845، حيث تحرك نحو الجزيرة العربية عبر صحراء معان في الأردن والجوف حتى وصل لحائل، وكتب فالين في مذكراته أنه في حائل ” نسي العالم كله ” وقد صاحب الكثيرين وتكونت له صداقات فيها حتى إن أحد شعراء حائل قد وعده بتزويجه ابنته.

يقول فالين ” حينما قدمت إلى حائل اندهشت كثيراً، ليس فقط لرؤيتي الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة واثنتي عشرة سنة في مجالسة كبار السن ومبادلتهم الحديث، ولكن أيضاً أخذ رأيهم في مواضيع تفوق مستواهم والاستماع لما يقولونه باهتمام “.

ويستطرد بالحديث ” يعيش الصغار مع آبائهم في محبة وألفة ولم أرَ في حائل، تلك المشاهد الكريهة المألوفة، والد حانق يضرب ابنه، ولا رأيت الإذلال الذي يعانيه صغار، الذين لا يسمح لهم أبداً بالجلوس أو حتى الكلام في حضرة آبائهم المتغطرسين “.

اعتنق ” جورج أوغست فالين ” الإسلام وسمي نفسه عبدالولي وزار مكة في عام 1845 ، وبعدها بسنتين زار القدس وبلاد فارس، وبحلول عام 1851 ، عاد فالين إلى #أوروبا حيث نشرت الجمعية الجغرافية الملكية بعض كتبه، ومنحته ميدالية مؤسسها اعترافاً ببحثه الرائد، وقد أكمل رسالة الدكتوراه، وحصل عليها في العام التالي لوصوله ” وهين “.

كان من أوائل الرحالة الذين قدموا إلى حائل “جورج والن” في عام 1845، وألف كتاباً سمَّاه (صورا من شمال جزيرة العرب) ليأتي بعده بثمانية عشر عاما الإنجليزي “ويليام بالغريف” وكتب بعض مذكراته من حائل.

الإنجليزية ” الليدي ان بلنت ” زارت حائل سنه 1879، ووضعت كتباً باسم (رحلة إلى بلاد نجد) وكانت الرحالة الإنجليزية قد كتبت العديد من مذكراتها عن حائل، فهي تقول عن جبة ” أنها من أغرب الأماكن في العالم، ومن أجملها، إنها أحد مباهج النفود “.

وتضيف بلنت أنها لن تنسى الانطباع الذي أخذها حين دخلت حائل، من نظافة الجدران والشوارع الخارقة للعادة والذي يكاد يعطي جوا خيالياً.