وكأن الحروب وحدها لا تكفي لإبادة ملايين البشر، فكانت الأوبئة والأمراض سبباً آخر في عمليات الإبادة التي حدثت على مر القرون، مخلفة ورائها هلاك مئات الملايين.

وانتشرت الأوبئة الفتاكة على مدار العصور، بسبب الحركة التجارية والحملات العسكرية، حيث نقل الأفراد المصابون الأمراض معهم إلى بلدان أخرى ومن ثم تتفاقم الأزمة وتنتشر في أنحاء العالم.

وكان أقدم هذه الأوبئة، والتي تسببت في وفاة أكثر من ألفي شخص يومياً، هو ” الطاعون الأنطوني ” أو ما يسمى بطاعون الأباطرة الأنطونيين، والذي ظهر في حدود سنة 165 بعد الميلاد داخل حدود الإمبراطورية الرومانية.

وأشارت الدراسات الحديثة، إلى أن المرض لم يكن سوى مرض الجدري، واستمر في الانتشار إلى حدود سنة 180 ميلادي، مخلفاً وراءه هلال 5 ملايين شخص.

وفي القرن الـ19، تحديداً منذ بداية عام 1855 انتشرت موجة الطاعون الدبلي الثالثة في المناطق الآسيوية جراء انتشار الطاعون الدبلي، وبدأ في إقليم يونان الصيني، لينتشر منه نحو كل من الهند وهونج كونج وبعض مناطق أستراليا ومنغوليا.

وتسبب في نقل الوباء إلى كل هذه المناطق، حركة التجارة بين مختلف الدول وكذلك لعبت الفئران والجرذان الدور الأبرز في نقل الوباء الذي استمر لمدة عقود، وأسفر عن وفاة ما لا يقل عن اثني عشر مليون شخص، منهم 10 ملايين حالة في الهند وحدها.

انتشر وباء الجدري بين السكان الأصليين للمكسيك والذي قدر عددهم بنحو 25 مليون نسمة، في عاا 1519، بالتزامن مع حلول المستكشف والمغامر الإسباني هرنان، حيث نقل المستكشفون الأوروبيون معهم مالرض الجدري.

وتسبب المرض في وفاة أكثر من 8 ملايين شخص بالمكسيك خلال سنتين فقط، ومع حلول القرن السابع عشر قدر عدد السكان بنحو 2 مليون نسمة فقط.

وخلال عهد الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول، في حدود عام 541 بعد المسلاد، ظهر طاعون جستنيان الذي انتشر سريعاً في أرجاء الإمبراطورية البيزنطية بفضل حركة التجارة والموانئ.

وجرَّاء هذه الوباء، هلك نصف سكان الإمبراطوية، وأسفر هذا الوباء عن وفاة حوالي 25 مليون شخص، ورجحت مصادر أن عدد الضحايا وصل إلى 50 مليون شخص، نظراً لامتداد الوباء نحو مناطق آسيوية أخرى.

ويعتبر الطاعون الأسود هو أشهر وباء انتشر في أوروبا قادماً من بلاد الصين، وقتل ما بين 75 مليون و200 مليون شخص، ما بين الفترة 1346 مـ، و1353 مـ، وأشارت تقارير إلى أنه تسبب في هلاك ثلث سكان أوروبا.

ولعبت الحملات العسكرية المغولية وحركة التجارة وانتشار الفئران والجرذان وتدهور قطاع الصحة والنظافة دوراً كبيراً في انتشار هذا الوباء.