ظلت بئر هداج صامدة أمام تعاقب الزمن، وأطلق عليها المستشرقون ” شيخ الآبار في الجزيرة العربية ” عندما وقفوا على جنباتها وهم يشاهدون 77 جملاً يتحركون لإخراج المياه من البئر الواقعة شمال غرب مدينة تيماء، حيث يرجع تاريخها إلى منذ أكثر من 2500 عام.

وينسب الكثير من الباحثين حفر ” بئر هداج ” ، الذي يبلغ قطرها 50 قدمًا وعمقها 40 قدمًا، للملك البابلي نبونيد الذي عاش قبل الميلاد بأكثر من 500 عام، حينما تنحى عن الحكم في المملكة البابلية لصالح أحد أبنائه، ونزح ليعيش في تيماء لأكثر من 10 سنوات، وفيها حفر البئر كما تشير الروايات.

وأوضح محمد النجم، مدير متحف تيماء التابع لهيئة السياحة: ” إذا ذُكرت تيماء، ذُكر هداج، البئر الشهيرة التي سقت الناس والنخيل، ونشرت الحياة في أحد أهم المواقع التاريخية والأثرية، والتي لا تزال الاكتشافات تتوالى فيها حول التاريخ الإنساني الذي عاش في هذه الأرض ” .

وتابع ” النجم ” : ” هداج تيما بئر عملاقة لا يوجد لها مثيل في العالم، فهي مصدر للحياة، كانت تتحرك على جنباتها 77 محالة، تضخ المياه في جميع الاتجاهات الأربع، ولا يوجد في الجزيرة العربية شبيه لها تنضح بالحياة منذ أكثر من 2500 عام ” .

وأشار الرحالة الألماني أوتينج في كتابه ” رحلة داخل الجزيرة العربية ” ، الذي تمت ترجمته من قبل دارة الملك عبدالعزيز: ” كان هدفنا الأول هو رؤية بئر هداج المدهشة، والمعروفة في أرجاء الجزيرة العربية وفي سوريا، والذي جاء ذكرها أيضا في الكثير من الأشعار ” .

وأضاف ” أوتينج ” قائلًا: ” في الوسط مساحة يتخللها حوالي 80 جدولا، حيث توجد بئر دائرية الشكل قطرها يصل حوالي عشرين مترا وجزؤها العلوي مطوي بالحجارة وعمق سطح مائها الذي تنبع منه العيون المتدفقة حوالي خمسة عشر مترا، وحافتها العليا محاطة بخليط متابين من الأخشاب والإطارات الخشبية، والمحال والحبال، والغروب الجلدية، وأدوات أخرى لسحب المياه ” .