الفقر أكبر من أن نتحدث عنه وهو ألمٌ أجثم قلب الفقير حتى أهلكه ، هو عالمٌ لن نستطيع أبداً أن نتخيل مايحدث فيه حتى ولو أستشعرنا ذلك بكل حواسنا ،ولن نعلم مقدار الحاجة والضعف الذي يرونة يومياً ويتعايشون معه في كل لحظة .

نحن نعبر من جانبهم ونمضي في هذة الحياة ، حتى وإن لامس الحزن قلوبنا لرؤية حالهم فلن يستمر طويلاً، سوف ننسى تلك اللوحة البائسة بسرعة فائقة .

أما الوضع بالنسبة إليهم فهو مختلفٌ البتة ، ينظرون إليك وأعينهم تلمع ، يتمنون صغائر الأمور التي لديك والتي تنظر إليها نظرة لاتساوي أي قيمة .

لا يملكون سوى الأحلام ، ولا يريدون سوى التخلص مما آل إليه حالهم ، ولا يتمنون سوى النجاة من كهف الحاجة الذي ابتلعهم وأغلق عنهم النور وأغرقهم في الظلام .

لكم يؤلمني قلبي عندما أرى هؤلاء المغلوبين على أمرهم الذين قهرتهم ظروف الحياة وغلب الهزل على أجسادهم ، ولكم يدمي قلبي ذلك العجز الذي أشعر به عندما لا أستطيع أن أقدم إليهم سوى بعضاً من الأمور التي لا تذكر ، التي تذهب وتتبخر في ذات اليوم الذي التقي بهم فيه .

لست مع أولئك الذين يقولون بأن المال ليس كل شيئ ، فهو بالنسبة إلى الفقراء كنزاً عظيم يبحثون عنه كل يوم ، ولست مع من يقول بأن الفقير يمتلك سعادة أو قناعة ليست موجودة عند الكثير من الناس ، لا يا صديقي أنت لم ترى سوى تلك اللحظة اليتيمة التي أستطاع أن يبتسم فيها ، ومابعد ذلك ليس سوى غربة أُجبر بالقوة على المكوث بها .

كُتبت الكثير من المقالات عن الفقر وأؤلفت كذلك الكثير من الكتب والروايات عن هذة القضية وأيضاً أُنشئت العديد والعديد من الجمعيات الخيرية ومؤسسات الرعاية ، ومع كل ماسبق مازلنا نجهل ماهو السبب الرئيسي لعدم أنتهاء هذا الألم وإلى متى سوف يستمر ؟؟

إلى متى سنرى الثياب الرثّة والأخذية المهترئة والوجيهة الشاحبة ، إلى متى سنرى العجز باأعينهم ، ألا يوجد هناك عالمٌ نستطيع النجاة فيه من هذا الحال ، أم أن الأمر سيستمر إلى مالا نهاية ؟؟؟؟

أيها القارئ : شئنا أم أبينا الفقر قضية خطيرة جداً نشأت من رحم المعاناة وهي مستمرة في الأزدياد منذ أن وجدت البشرية وحتى يومنا هذا .

لا يسعني القول سوى قولة تعالى في كتابة الكريم (( فكلوا وأشربوا وأطعموا البائس والفقير ))