قبل 33 عامًا من الآن، أي عام 1985، صدرت الطبعة الأولى من كتاب ” قبل السقوط ” ، الذي تبنأ بسقوط نظام ” الملالي ” في إيران، حيث أشار كاتبه إلى أن الثورة الإيرانية بدأت بالفعل من المساجد عندما رمى الأئمة والملالي بقفاز الخروج عن الدين في وجه السلطة الحاكمة.

حيث تنبأ الكاتب فرج فودة الذي اغتيل بعد صدور الكتاب بـ7 سنوات، على يد جماعات متطرفة، أن هدف ” الملالي ” من انتقاد السلطة السياسية الحاكمة من المساجد تحت ستار الدعوة الدينية، هو إقامة دولةة دينية وخلط أوراق الدين بالسياسة.

حينها لعب الملالي، لعبة أن الدعوة للعصيان المدني يعد نوعاً من الأمر بالمعروف، والتوجيه إلى تدمير نظام الدولة نوعاً من النهي عن المنكر، وذكر ” فودة ” أن التوجه كان واضحاً إلى الشارع المتدين من خلال الخطب المنبرية التي تحولت إلى شرائط كاسيت، يتداولها البسطاء الذين يضغط الظلم الاجتماعي على أعصابهم فيلهيها، ويتصورون من خلال مقولات مدروسة أن تدمير ما هو قائم هو أسرع مدخل لثواب الآخرة.

اكتمل مربع الرعب في إيران، عندما كان التركيز في الشارع السياسي على صغار السن الذين يئسوا من المستقبل القريب، ويستهويهم أن يشجعوا الشعب بكامله على الانتحار الجماعي، فأصبح هناك ” إمام ساعٍ إلى الزعامة، وأئمة مسيّسين على المنابر، وشارع مطحون بالمشاكل، ومغامرين صغار فقدوا الأمل في المستقبل فاستهوتهم المخاطر بمستقبل الوطن ” ، بحسب ” فودة “.

وأوضح فرج فودة في كتابه، أن الحكم الإسلامي في إيران، تسبب في زعزعة استقرارا المنطقة سياسياً، وأشعلت الثورة الإيرانية صراعاً على مستوى دول المنطقة.

وأكد، أن إيران ستحدث فتنة في العالم الإسلامي والعربي، وستستخدم ورقة الدين لمحاولة تصدير ثورتها وتوسيع إمبراطوريتها، كما ستعتمد على الميليشيات الشبابية المسلحة، وهو ما ظهر في مليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن.

ولفت أن الأحياء الفقيرة تمثل مرتعاً خصباً للتطرف السياسي الديني، ولعب سكان هذه الأحياء الدور الرئيسي في الثورة الشعبية التي اجتاحت طهران.

كما توقع ” فودة ” في كتابه، أنه عندما يسقط ” نظام الملالي ” فغن البديل سيكون حكماً عسكرياً، باعتباره القوة البديلة الممكنة.

يذكر أن الثورة الإيرانية، بدأت بسبب التدهور والانهيار الاقتصادي في إيران، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، جعل الشعب الإيراني يخرج عن صمته في مظاهرات اجتاحت البلاد، تحولت شعاراتها بعد ذلك إلى شعارات سياسية تطالب بسقوط المرشد الإيراني علي خامنئي، ونظام ” الملالي ” الفاسد.

وكان فرج فودة، المعروف بتصديه لأفكار الجماعات الدينية المتطرفة، قد اغتيل على يد هذه الجماعات عام 1992، حيث اعترض سياراته بالقاهرة أثناء عودته إلى منزله، كل من أشرف سعيد إبراهيم وعبد الشافي أحمد رمضان؛ حيث كانا يستقلان دراجة بخارية وأطلقا عليه الرصاص الذي اخترق كبده وأمعاءه بينما أصيب ابنه الذي كان برفقته إصابات طفيفة.

جاء ذلك بعد أسبوع من مناظرة في معرض الكتاب تحت عنوان ” مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية ” ، شارك فيها الشيخ محمد الغزالي، والمستشار محمد مأمون الهضيبي، المتحدث باسم جماعة الإخوان حينها، والدكتور محمد عمارة، في مواجهة فرج فودة؛ والدكتور محمد أحمد خلف الله، العضو بحزب التجمع، حيث نجح ” فودة ” في الحديث حينها في إفحام الحاضرين باستشهاده بكلمات لهم أنفسهم.

و قال فودة أن القرآن بدأ بكلمة اقرأ، وسنظل نتحاور لنوقف نزيف الدم ونصل إلى كلمة سواء، وأنا أؤكد لكم أنه ليس خلافاً بين أنصار الإسلام وأعدائه، هو خلاف رؤى، وهذه الرؤى لا تتناقض مع الإسلام، لكن الفريق الذى أنتمى إليه لم ير أبداً أن الإسلام دين العنف، الإسلام هو دين القول بالتي هي أحسن، ولأجل هذا نحن ندين الإرهاب لأنه قول وفعل بالتي هي أسوأ، التاريخ نقل إلينا حوار أبي حنيفة مع ملحد، كان الحوار بالحروف لا بالكلاشينكوف أدعو الله للجميع أن يهتدوا بهدي الإسلام وهو دين الرحمة، وأن يهديهم الله ليضعوا الإسلام في مكانه العزيز بعيداً عن الاختلاف والفُرقة والإرهاب، وعن الدم والمطامح والمطامع.

وفي تحقيقات النيابة اعترف القاتل عبدالشافي رمضان أن أبو العلا عبدر ربه، هو من زوده بالسلاح والأدوات المستخدمة وحدد له طريقة التنفيذ والموعد واختار الموعد قبل عيد الأضحى بأيام قليلة، وقد تم الحكم عليهما بالسجن المؤبد 25 عاماً إلا أنه خرج بعفو رئاسي من الرئيس المخلوع محمد مرسي عام 2012.