لندن الجميلة التي نسمع عنها كثيراً لها تاريخ مليء بالعنف ومكتظة بزُعران والبلطحية أو ” سرسرية ” و كانت العدالة تتحقق بقبضات المتشاجرين و معظمها أزقة ضيقة .

كشف تحليل 399 هيكلا عظميا انتشلوها من قبور قديمة نبشوها في 6 مواقع شعبية للدفن كانت زمن القرون الوسطى بلندن، ولا تزال بقاياها للآن، وجدوا أن 6.8% من أصحابها عانوا من عنف لحق بهم قبل وقت قليل من موتهم، كطعن أو كسر ما، وربما رضوض حادة وكدمات وما شابه، ونسبتها تزيد عن ضعف ما وجدوه في مدينة كانت ذلك الوقت أكبر منافس للندن، وهي York البعيدة عنها بالشمال الإنجليزي 320 كيلومترا.

وحياة أفراد الطبقة الدنيا بشكل خاص في المجتمع اللندني، كانت طوال 5 قرون من 1050 حتى 1550 ميلادية، مميزة بعنف يزيد عما عرفه نظراؤهم في أي مدينة أصغر أو بالأرياف، وفق ما يمكن استنتاجه من دراسة أطلعت عليها مجلة New Scientist العلمية البريطانية، وفيه أن تحليل الهياكل العظمية أكدا وجود آثار عنف مشهود في الرؤوس وبقية الأعضاء، ناتج عن مشاجرات وعراك يدوي وبالسلاح في البارات والشوارع والأزقة والزواريب لحل المشكلات بدل اللجوء إلى قضاء مكلف والوصول إليه مقتصر على القادرين.

لدراسة قامت بها عالمة الآثار Kathryn Krakowka من جامعة أوكسفورد البريطانية، ودلت أن لندن القرون الوسطى كانت منقسمة طبقيا بشكل حاد ” وأفراد الطبقة الدنيا عانوا أكثر من سواهم من جرائم فظيعة لحل مشاكلهم بأيديهم ” وفق تعبير عالمة الآثار، المشيرة بدراستها إلى أن نسبة الإصابات بالرأس كانت 20.1 % في جماجم المقابر الشعبية، مقابل 2.4 إلى 3.6 % في جماجم المقابر بمدينة ” يورك ” والمتوفون في لندن قضوا بأعمار تتراوح بين 25 إلى 36 سنة من شبان الطبقة الدنيا.

اكتشفت الدكتورة ” كاثرين كراكوفكا ” أيضا، أن الإصابات بالهياكل العظمية لأفراد ميسورين تم دفنهم في مقابر تابعة لرهبانيات كانت تتقاضى ثمنا للقبر، كانت أقل بكثير من إصابات وجدوها في جماجم وعظام أفراد الطبقة الفقيرة، لذلك تعتقد بوجود علاقة ” بين العنف من جهة والجنس والحالة الاجتماعية من جهة ثانية في القرون الوسطى بلندن ” التي كان عدد سكانها 18 ألفا بأواخر القرن الحادي عشر، ثم أصبحوا 80 ألفا في منتصف القرن الرابع عشر، بعد 3 قرون، وفي الفيديو أدناه أقدم لقطات فيديو عن لندن ومقارنتها بالمشاهد نفسها حاليا.