قد تدفع الظروف الصعبة أحيانا بحياتنا إلى الخطر دون أن نشعر، ويجازف المدنيون الفارون من مدينة الرقة السورية بحياتهم للوصول إلى بر الأمان بعيدا عن المعارك، متكلين على مهربين يدفعون لهم أموالا طائلة غير كفيلة بحمايتهم من النيران أو من أعين المتشددين.
الواقع في مخيم عين عيسى للنازحين على بعد أكثر من 50 كيلومترا عن الرقة يحمل الكثير من المأساة، ويروي نازحون فروا من المدينة ومناطقها المجاورة لحظات رعب عاشوها مع المهربين تخللها تعرضهم لإطلاق نار أو التخلي عنهم وسط الطريق، ويقول علي (25 عاما) الذي استعان بمهرب للفرار من قرية القحطانية الواقعة على بعد ستة كيلومترات شمال غرب الرقة، أثناء الرحلة بإشراف المهرب ” علقنا في هجوم للدواعش أصيبت خلاله امرأة رافقتنا على الطريق “.
ويوضح علي الذي فر مع ثمانية من أفراد عائلته أصغرهم طفل في الخامسة قبل شهرين ونصف الشهر من قريته ” نُصحنا بالتعامل معه (المهرب) بعدما سألنا عدة أشخاص في القرية ” ، ويضيف ” لا يكشف المهربون أسماءهم الحقيقية ويكتفون بألقابهم فقط، ولقب مهربنا كان الحوت ” ، مشيرا إلى أنه اتفق معه على التفاصيل ودفع له 222 ألف ليرة سورية (418 دولارا)، ويتابع: ” خرجت من القحطانية في سيارتي عند الثانية بعد منتصف الليل، سار المهرب أمامنا بمسافة 500 متراً”، مضيفا “كان ملثما، لم نر وجهه “.
ويروي ” بعد وصولنا إلى مكان في منتصف طريق قال لنا إنه آمن وجدنا أنفسنا تحت وابل نيران الدواعش. عندها أطلقت العنان لسيارتي حتى وصلت إلى أول حاجز لقوات سورية الديموقراطية “.
” قد يكون داعشيا ”
ونجا أحمد الحسين (35 عاما) بأعجوبة لدى فراره قبل بضعة أشهر من مدينة الرقة بمساعدة مهرب اتفق معه على دفع مبلغ 70 ألف ليرة وإعطائه دراجته النارية بقيمة 30 ألفا فور بلوغه وجهته.
ويروي ” كنا مجموعة من 250 شخصا، مشينا نحو 15 ساعة حتى وصلنا عند آذان الفجر إلى حاجز قوات سورية الديموقراطية في منطقة المعزيلة (23 كيلومترا شمال شرق الرقة) ” ،ويتابع ” فور وصولنا، شنّ المتشددون هجوما على المنطقة وعلقنا بين النيران، واختفى المهربون تماما “.
ويضيف أحمد بينما يجلس على فراش على الأرض وإلى جانبه دراجته النارية التي احتفظ بها، ” اعترضنا الدواعش وأعادونا إلى قرية الصالحية، ضربونا وأخذوا أموالنا وأوراقنا الثبوتية “.
وأصر المتشددون على معرفة هوية المهربين الذين كانوا يرافقون المجموعة بحسب أحمد ” لكن ذلك كان أمرا مستحيلا لأننا فعلا لا نعرفهم، قد يكون المهرب نفسه داعشيا “.
وبعدها، أجبر المتشددون أحمد على البقاء في قرية تحت سيطرتهم قرب الرقة ظل فيها حتى سيطرت عليها قوات سورية الديمقراطية.