قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من أصحابه الهجرة إلى الحبشة، لأنه كان يعمل على نزع فتيل الصدام بين المسلمين وقريش، وهذه مسئولية الكبار أنهم دائمًا ما يبحثون عن أسباب تفكيك الأزمات لا إشعالها، الحفاظ على أمن وسلامة المجتمع وتجنبيه الصراع والاقتتال.

وأضاف في الحلقة الثالثة عشر من برنامجه الرمضاني ” نبي الرحمة والتسامح ” ، الذي يذاع على قناة ” إم بي سي ” : ” جمع النبي، الصحابة في دار الأرقم، وقال لهم: ” لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن فيها ملكًا لا يظلم عنده أحد وهى أرض صدق لعل الله يجعل لكم مخرجًا مما أنتم فيه ” .

وأوضح أن ” الهدف من ذلك هو نزع فتيل التوتر.. نزع الصدام.. تجنب العنف والأسباب المؤدية إليه، فعرض عليهم الهجرة منعًا لذلك، لأنه كان يؤمن بالسلام ” .

وأشار إلى أن هذه هي الصورة الحقيقية للنبي والإسلام، والتي يطمسها الإرهابيون الآن بأفعالهم وتصرفاتهم المسيئة للإسلام، فيصورونه على أنه ” دين إرهاب ” ، حتى وهو يعرض عليهم الهجرة، فهو يخيرهم، لايجبرهم على ذلك، هذه الصورة التي يشوهها المتشددون الآن، وهم يصورون النبي على أنه القائد العسكري الآمر.

ولفت إلى أن اختيار النبي، الحبشة (إثيوبيا) لهجرة أصحابه إليها، وهي تدين بالمسيحية، وتتحدث بلغة أخرى غير العربية، لأنه كان يريد إخراج شخصيات منفتحة، تختلط بالشعوب الأخرى بما تملكه من ثقافات وعادات مختلفة، وبالتالي كانت شخصيات الصحابة متفردة عن غيرهم من سكان الجزيرة العربية.

وتابع: عندما طلب النبي من الصحابة الهجرة إلى الحبشة أرجع ذلك لأمرين، الأول أن ” فيها ملكًا لا يظلم عنده أحد ” هو النجاشي ملك الحبشة، واسمه أصحمه بن أبجر، الأمر الثاني ” وهي أرض صدق ” ، شعب طيب.. متسامح.. نقى على الفطرة.. وكانوا يدينون بالمسيحية، فزرعت فيهم المسيحية صفات التسامح.. وهذا من إنصاف النبي، وأولى بنا أن نقتدي بسنته في نظرته للآخر، فلا تحمل جورًا أو ظلمًا له، فليس معنى أن هذا غير مسلم أنه سيء ” .

ولاحظ أن أغلب من هاجروا من الشباب في العشرينات، وهم من سيصبحون عظماء الإسلام بعد ٢٠ سنة، منهم أبوعبيدة بن الجراح الذي سيفتح الشام والروم، كما أنهم ليسوا جميعًا من المستضعفين، فمنهم جعفر بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف من سادة قريش، لم تكن هجرة هؤلاء لأنهم مستضعفون، بل لأنه كان لايريد الصدام الطرفين، فبعث من خلال ذلك رسالة إلى قريش بأنك قد اخترت العنف، لكننا مصرون على السلام.

وأشار ” خالد ” إلى أن النبي كان يريد عقولاً منطلقة ناجحة، وهذا يفسر لماذا خرج جيل كبير من المبدعين في زمنه صلى الله عليه وسلم والصحابة، لأنه هو من قام بتربيتهم.. اخرج .. تحرك.. احتك.. تعامل مع الناس.. اقبل الآخر.. امتلك الإنسانية.. اقبل الأخر المختلف معك في الدين.