فجأةً بدأ طفلكما بالسباب. هو لا يعرف معنى هذه الكلمات، وعلى رغم ذلك قد يتحوّل التلفّظ بها إلى عادة بالنسبة اليه، وهي غير لائقة وغير مناسبة لعمره ولصورته في المجتمع. ولكن هل التفوّه بالكلمات البذيئة لا مفرّ منه في فترة الطفولة؟ فاديا (35 عاماً) أم هاني (3 سنوات) كانت في الصالون تجالس صديقاتها عندما سمعت ابنَها يتفوَّه بكلمات صَدمتها وخدشَت أذنها وحياءَها. هي اعتقدت للوهلة الأولى أنّها لم تسمع جيّداً، ولكن سرعان ما كان عليها أن تدرك أنّ طفلها بدأ يسبّ فعلاً.

لا مفرَّ منه

يؤكّد علماء النفس أنّ جميع الأطفال يقعون في أيّ لحظة تحت تأثير الكلمات البذيئة، خصوصاً أنّهم يردّدون ما يسمعون في محيطهم. ففي سنّ سنتين ونصف إلى 3 سنوات يشكّل السباب ممرّاً إلزامياً في حياة الطفل، إذ إنه جزء لا يتجزّأ من نموِّه النفسي.

ويؤكّد سامي (40 عاماً) أنّه منذ ولادة ابنِه كريم (5 سنوات) وهو يجهد لعدم التفوّه بأيّ كلمة بذيئة أمامه حتّى لا يتعلّمها هذا الأخير، فيشكّل الأب بذلك مثلاً صالحاً أمام ابنه. ولكن على رغم جهوده، التقَط ابنه الكثير من الكلمات البذيئة من المدرسة والأصدقاء وبات يردّدها، ما أصابَ الأبَ بالذهول والانزعاج.

التجاهل

صحيح أنّ تفوُّه الطفل بالكلمات البذيئة يزعج الوالدين كثيراً، ولكن أفضل ردِّ فِعلٍ يقومان به هو المحافظة على هدوئهما. فإنْ لاحَظ الطفل أنّه نجَح في إثارة غضبهما وإفقادهما سيطرتَهما على نفسيهما بمجرّد تفَوُّهِه ببعض الكلمات، فهو سيَميل إلى تكرار فِعلته. إن كان طفلكما يقول الكلام القذر تجاهلاه ولا تعيراه أيَّ أهمّية.

فسِّرا له أنّ هناك وقتاً لكلّ شيء

إذا لم ينفَع تجاهله فقط في ردعِه، فسِّرا له بأنه يمكنه قول كلمة بذيئة من العيار الخفيف ولكن فقط عندما يكون وحيداً في غرفته، لأنّ هذه الكلمات لا يجب استخدامها علناً في المجتمع، وخصوصاً في المدرسة وأمام الأقارب.

اقترِحا عليه كلمات أخرى

إذا كان طفلكما يعبّر عن تعصيبه من خلال السباب، يمكنكما أن تقترحا عليه كلمات معبّرة إنّما غير مؤذية. يؤكّد بعض علماء النفس أنّه يحقّ للولد أن ينطق بالكلمات البذيئة، ولكن حسب الكلمات والأشخاص الذين يتوجّه إليهم، والظروف. يجب أن يشرح له أهله معنى الكلمات التي يستخدمها، ويجب أن يعرف أنّ بعضها لا يمكنه قوله أبداً لأنه غير لائق وقد يَجرح المتلقّي.

ولتبديل هذه الكلمات يمكنكما اقتراح كلمات أخرى مقبولة، على أن يحدّد الأب والأم مكان استعمالها، والأشخاص الذي يمكن استخدامها معهم. فلا يقول الولد للمعلمة في الصف كلمة «Shit» مثلاً، بل أثناء اللعب مع الأولاد.

المَثل الصالح

ليس عجباً أن يتعوّد الطفل على السباب إذا ما كان أحد والديه يردّد الكلمات البذيئة على مسامعه يومياً. فالطفل يقلّد أهله ويَستقي مفرداته من مفرداتهم وكلماتهم. وكيف يقوم الوالدان بلَوم الطفل على سبابه بينما هما يسبّان ويشتمان الآخرين أمامه. إستخدام الأم والأب معجماً لغوياً منحَطّاً يَجعل الطفلَ لا يفهم لِماذا عليه أن لا يسبَّ.

عَملُ الأبوين والمقرّبين مِن جَدٍّ وجدّة على أنفسهم أوّلاً يغيّر كلمات الطفل وكلماتهم أيضاً، كما يحسّن صورةَ العائلة فيجعلها لائقة في المجتمع. وإنْ أفلتَ أحد الأبوين كلمةً بذيئة من فمه، فليقُلْ للطفل بأنه آسف لأنه استعمل هذه الكلمة وأنّه في المستقبل سيزيد تحكّمَه بمفرداته. كما على الوالدين أن يعلّما الطفلَ الاعتذار إذا جرَح أحدهم بكلامه.

ما لا يجب أن يفعله الأهل

* الابتسام للطفل أو الضحك عندما يقول كلاماً بذيئاً، فردّةُ فِعل الأهل هذه ستَزيد رغبة صغيرهم في قول السباب.
* تظاهُر الأهل بالصدمة، ومن الأفضل الشرحُ للطفل بوضوح وهدوء: «لا نقول كلاماً كهذا في البيت أو في المدرسة».
* مناقشة الكلمات البذيئة مع الطفل، وخصوصاً تلك التي يردّدها على مسامع العائلة والأصدقاء، فهو بذلك يستنتج بأنّ السباب يجعله مهمّاً بنظر الآخرين.