أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح بن محمد البدير المسلمين بملازمة شكر الله وحمده على نعمه, لتدوم النعم, إذ أن الشكر علامة التقى والتوفيق, محذراً من كفران النعم, والمباهاة بها, وجعلها طريقاً إلى معصية الله ، لقوله جل وعلا : ” وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ “.

وقال في خطبة الجمعة اليوم «إنكم تعيشون في بحبوحة من الأمن الشديد المديد, ورزق مخصبٌ رفيه غزير رغيد, وعيش رخيّ, وشراب رويّ, والناس من حولكم يقتلهم الجوع الأغبر, والموت الأحمر, يسلبون قتلاً وأسراً وسباء, ويؤخذون عبيداً وإماءً, ويكافحون بلاءً ووباءً, ويكابدون غلاءً وجلاءً وفناءً, ولا ترى إن صبية يكثرون الصياح, وشعوباً أنهكتها الحروب والجراح, فاحذروا الازدهاء بالرخاء, ولا تغتروا بالنعماء, ولا ينسينكم بهاء النعم شكرها, وانظروا ما أسبغ عليكم ربكم من النعم, واعرفوا حق منعمها, وكونوا ممن انقاد له شكراً على نعمه, ولا تستعينوا بالعطايا على الخطايا, ولا تغرنّكم الشياطين, ولا يخدعنكم أعداؤكم بالباطل, ولا تجاهروا بالعصيان بعد الرزق والأمان, والعافية والامتنان, وأحسنوا جوار النعم تحفظوا النعم الموجودة, وتجلبوا النعم المفقودة, وتستديموا عطاء الله وكرمه وجوده, فما أدبرت نعمة بعدما أقبلت, ولا رفعت منّة بعدما نزلت, ولا سلبت كرامة بعدما منحت, إلا لكونها عطايا ما شكرت, أو بسبب خطايا فعلت, والنعم إذا شكرت قرّت, وإذا كفرت فرّت».
وحذّر الشيخ البدير من كفران النعم وعدم شكرها, وجعل رزق الله ذريعة ومتسلقاً لمعاصيه, والتدرّج بها إلى مناهيه, ومظنة أن الإنعام عطاء وإكراماً وإيثاراً وتفضيلاً واختياراً ، وما هي إلا استدراج واستجراراً, مبيناً أن المستبصر المستبين يعرف الغثّ من السمين ، والشراب من السراب, داعياً إلى الإعراض عمّن تولى عن طريق الحق ممن سلكوا طريق الشهوات والرغبات والأهواء.

وأوضح فضيلته, أن الرضا باليسير صفة الشاكرين, فلا يزدرون نعمة الله وإن قلّت, كلما تعذّر عليهم شيء من أمور الدنيا قنعوا بما دونه ورضوا, فقد عزّ من قنع وذلّ من طمع, مبيناً أن من الناس من لا يرضى بقسمه ورزقه, تراهم تسخطاً ضجراً يتمنى ما عند غيره من الجاه والمال والحال, لكن الأرزاق قسمة من الله صادرة عن حكمة وتدبير, وعلم بأحوال العباد.

كما حذّر الشيخ صلاح البدير من التحاسد وتمني ما فضّل الله به البعض على غيرهم من الناس, وأن يسأل العبد ربه البركة, ويسأله من خزائنه التي لا تنفد, مضيفاً أن من الناس من يسأل الناس ليثري ماله, يتعرض لهم في المساجد والتجمعات وفي الأزمنة الشريفة كالجُمع ورمضان, وربما صحب صغاره وعوّدهم على ذلّ السؤال والطلب استعطافاً للناس, واستدراراً للعطاء, مورداً ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر» رواه مسلم.

ونبّه إمام وخطيب المسجد النبوي, من مخاطر تبذير المال وإنفاقه في غير حق وفي الفخر والسمعة والمباهاة, وأن ذلك نقيض الشكر, وحثّ فضيلته على إطعام الطعام وتفطير الصائمين في رمضان, بوصفه فضيلة وقربة جليلة, ,عبادة عظيمة يحرص عليها الموفقون, محذراً من الإسراف في مدّ السفر بلا حاجة, ونثر الأطعمة بلا حساب, وبأن على المرء أن يتذكّر إخوانه الفقراء وأهل البلاء في البلدان التي تعاني المجاعات والحروب والصراعات.