يعد حذيفة بن سليمان المشرعي – 20 عاماً – أحد أولئك الناجحين والمتميزين الذين قهروا الإعاقة وباتوا مثالاً يحتذى به ، فإعاقته السمعية وتأتأته في النطق لم تقف حاجزاً أمام طموحه وهمته العالية وحصوله دوماً على تقدير ممتاز في حلقات القرآن ومدارس التعليم العام.

قصة حذيفة يرويها والده ومعلمه في ذات الوقت الأستاذ سليمان المشرعي حيث يقول: حذيفة نشأ في بيت قرآني فوالديه وشقيقاته الكبيرات يحفظون القرآن الكريم ، وعند طفولته ظننا أنه أبكم ولا يستطيع الكلام والتخاطب مع الأسوياء فألحقناه بمدارس خاصة ليتعلم لغة الاشارة ولكن وفي سن التاسعة قدم طبيب زائر إلى أحد المستشفيات بجدة فسارعنا للذهاب اليه ، وهنا كانت نقطة التحول فقد اكتشف الطبيب بعد تخطيط مقطعي سمعي دقيق أنه يحتاج الى مساعدة ليسمع فعنده ضعف شديد في الأذن اليمنى وضعف متوسط في اليسرى ، وما إن استعمل حذيفة السماعة حتى استطاع أن يسمع الاصوات ولو بصوت خافت فبكى فرحاً وأبكى من حوله.

ويتابع والده قائلاً: وبعد شهور قليلة من استعماله السماعة التحق بحلقات القرآن رغبة منه في الحفظ ، فتنقل بين حلقات القرآن والمعلمين وكانت بداية حفظه للقرآن نصف صفحة ولكن ما أن التقى الاستاذ شبير غلام حتى أخبرني ان حذيفة الوحيد الذي يحفظ صفحتين يومياً من القرآن في حلقة جميع طلابها من الاسوياء واستمر على ذلك حتى ختم القرآن في مسجد الرحمة بحي المروة ونال في اختبارات جمعية خيركم على تقدير ممتاز بنسبة 92%.

وعن سر تفوقه قال والده : إن سر تميز حذيفة بعد توفيق الله وجهود والدته أنني عاملته معاملة الاسوياء فكان أفضل من الاسوياء ، و كلما صعد مرتبة في حفظ القرآن كلما تغلب على الاعاقة فتحسّن في النطق والسمع والفهم والحفظ ، كما انه يحب أن يعلم غيره القرآن ويحفزهم وخصوصا ذوي الاحتياجات الخاصة ، فالمعلمون يستعينون به لمساعدتهم في تعليم زملائه القرآن ، وقد أنشأ حلقة قرآنية في المنزل لإخوانه وأخواته واللذين أصبحوا متفوقين في الحفظ واقتربوا من ختم القرآن.

حذيفة لم يكن متفوقاً في التحفيظ وحسب بل كان من الاوائل في المدرسة ونسبته لم تقل في جميع المراحل الدراسية عن 99% وقد نال بعد حفظ القرآن الكثير من الدعم والتشجيع من اسرته واقاربه وزملائه ومعلميه ، فأول احتفال بحذيفة كان في الحرم المكي وصولاً إلى تمثيله لمكتب تعليم جدة و تكريمه من صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة السابق ومنحه جائزة الشيخ محمد بن صالح السلطان، وآخر الاحتفالات كانت في مدرسة رضوى الثانوية عندما كرمه قائدها الأستاذ منصور الصحفي في الإذاعة المدرسية أمام زملائه الذين صفقوا له والتفوا حوله وباتوا يلقبونه بالشيخ حذيفة.

وبعد أن بيّن حذيفة أنه يتمنى اكمال مسيرة الخيرية ويعلم القرآن في الحلقات لقوله صلى الله عليه وسلم : (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) شكر كل من وقف بجانبه بعد المولى عز وجل وخصوصا والديه ومعلميه في الحلقات الشيوخ إبراهيم خريزة وغلام شبير ومصطفى البدوي ومجدي الحكمي وفيصل بن سعيد الحسيكي وقادة المدارس الأستاذ سعيد سالم الغامدي مدير مدرسة عبدالملك بن مروان ، وادارة متوسطة الاقصى بالتحلية وخصوصا قسم التربية الخاصة بقيادة الاستاذ عيسى المحرق ، ومدير ثانوية رضوى الاستاذ منصور الصحفي وجميع منسوبيها.