لم يكن يدر بخلد الغُلاه أن سنة 2017م ستكون سنة كبيسة عليهم وعلى من سار بركابهم ،فبعد السماح بقيادة المرأة للسيارة وفتح المجال للفرق الترفيهية والغنائية لتقديم ما لديها لمجتمعِ متعطش للحياة السوية هاهي أبواب دور السينما تتأهب لإستقبال من لديه شغف بذلك الفن السابع.

بعد حادثة جهيمان 1400هج أُغلقت دور السينما التي كانت آنذاك تقدم الجديد ويرتادها المواطنون والمقيمون وتحولت الحياة اليومية للمجتمع لحياةِ يسودها الكدر والكأبه فبدلاً من الفنون حلت المواعظ وبدلاً من التفكير حل التكفير وبدلاً من التسامح والتعايش وتعدد الأراء حل التشدد والتطرف ، وصل المجتمع لعنق الزجاجة فسنوات الظلام جعلته يشعر أن ذلك قدره الذي لن يُفارقه أبداً.

في السابق كان البعض يتهكم قائلاً قتلوا جهيمان وتبنوا أفكاره واليوم لم يعد لتلك النُكته الممزوجة بالحسرة أي قبول فالواقع بدأ مُختلفاً والعجلة تجاوزت جهيمان والصحوة بمراحل ، بالأمس أصدر وزير الثقافة والإعلام قراراً ينص على البدء في منح تصاريح لدور السينما لتصبح ملفاً ماضياً طالما أشغل الوسط الثقافي ، عودة السينما أمرُ طبيعي فالمجتمع بلغ من الوعي حداً لا يستطيع معه تقبل فكرة غياب ذلك الفن عن الساحة.

فالساحة الفنية ساحة إبداعية ترفيهية ذات أبعادِ إقتصادية واجتماعية وأدبية ،من يرى في وجود ذلك الفن السابع شر ووبال عليه أن يُعيد برمجة عقلة فمحرمات سد الذرائع لم تعد صالحة للإستهلاك والوعي والقانون هما الحاكمانِ ولا غير ذلك.

المتشدد والمتطرف يمارس دور الواعظ المُصلح وفي ذلك بلاءُ عظيم فإلى متى وتلك الفئة البشرية تقف ملوحةً بيدها مرددةً مفردات هذا حرام وهذا حلال ، ليس هناك أمرُ يتم بالقوة من آراد المتعة وقضاء أجمل الأوقات فعليه التوجه إلى السينما ومن آراد غير ذلك فليبقى حيثما آراد ولا يُمارس دور الواعظ والناصح الأمين .

ينقص ظاهرتنا الفنية وجود مسارح وطنية بكل مدينةِ فالمسرح أبو الفنون وبوابة الإبداع الأولى ، السينما ليست كُفراً ولا يمكنها أن تكون كذلك هي وسيلة يُعرض فيها ما يناسب طبيعة الجمهور الفكرية والنفسية والعُمرية ، السينما باب من أبواب الترفية وليست باب من أبواب الشيطان هي لا تقتل أحداً ولا تُضلل أحد ولا تُصيب البلاد والعباد بوابلِ من الرصاص هيّ دار فكرية حضارية إبداعية يرتادها الباحث عن المُتعة مثلما يرتاد المُصلي الجامع بحثاً عن السكينة وهذا هو الطبيعي فلا عبادة في التحريم والتضييق على المجتمع بدعوى التقرب إلى الله .