ان تبدأ متأخرا خيرا من ان لاتبداء سميت بان ما حدث زلزال او هزات ارتداديه او عاصفة تسونامي ضد الفساد ليس المهم التسميات ولكن الأهم الهدف والغاية منها “مكافحة الفساد” مطلب من اهم مطالب شعوب الأرض غربها وشرقها . امراً ليس سهلاً ولكنه بذات والوقت ليس مستحيلاً فماهوا الفساد؟ سؤال يدور على السنة الكثيرين بكل بساطه الفساد يعرف لغة: مصدر فسد يفسد فساداً وهو ضد الإصلاح ..

وتتعدد تعريفاته اصطلاحاً ومنها: الفساد خروج شيء عن الاعتدال قليلاً كان الخروج عليه او كثيراً ويعرفه الجوزي بانه : تغيير الشيء عما كان عليه من الصلاح

ولعل ما يهمنا اليوم هو الفساد الإداري والمالي والذي يعرف بانه: انتهاك القوانين والانحراف عن تأدية الواجبات الرسمية في القطاع العام لتحقيق مكسب مالي شخصي – ويعرف في المفهوم الواسع بأنه : الاخلال بشرف الوظيفة ومهنيتها بالقيم والمعتقدات التي يؤمن بها الشخص وإخضاع المصلحة العامة للمصالح الشخصية.

من اخطر واشد الآفات فتكاً بالمجتمعات على مر العصور فديمها وحديثها (الفساد) مرض سرطاني عانت من انتشاره فيها الدول قويها وضعيفها غنيها وفقيرها على حد سواء مع تفاوت نسبة الضرر

شكل الفساد بمختلف انواعه اكبر واشد العقبات خطورة امام تقدم ونمو المجتمعات اقتصاديا واجتماعيا وفي كافة مناحي الحياة الأخرى ..وكبقية الأوبئة والامراض تتعدد اوجهه الفساد ومظاهره فابتداء من وجهه المعروف المتمثل في الرشوة بجميع أنواعها واوجهها في القطاع العام والخاص مروراً بأ شدها خطراً وهو الاختلاس بجميع انواعه وطرقه من استغلال السلطة او الوظيفة بطريقه غير مشروعه وعدم اللتزام والتقيد بالقوانين والأنظمة فضلاً عن استغلال الروتين في القطاع الحكومي ووضع العراقيل في طريق مصالح المواطنين مع ما يصاحبه من تقصير وتقاعس الموظف العام في أداء التزامات وواجباته الوظيفية كما ينبغي عليه  مع حدوث التجاوزات الإدارية والمالية من المسؤول والذي يشجع بعض الموظفين في القطاع العام عل ارتكاب تجاوزات مماثله مضاف اليها سكوت المسؤول الإداري في فترة من الفترات عن فساد الموظف الأقل المرتبة من باب الستر عليه وحماية مصدر رزقه فضلاً عن ضعف الدور الرقابي للأعلام نتيجة صعوبة الحصول على المعلومة لغياب الشفافية في العمل ولا ننسى الأسباب الاجتماعية المرتبطة والناتجة عن الانتماء القبلي والعائلي او المناطقي او المصالحي مما ادي الي انتشار الواسطة والمحسوبية نتيجة لقبول الثقافة الاجتماعية والأعراف لها باعتبارها نوع من المساعدة والنخوة والفزعة وليس نوع من الفساد..

والمملكة حال كثير من الدول اكتوت بنار الفساد الإداري والمالي والذي تسبب في هدر كثير من الموارد وحرم المجتمع من الاستفادة منها ولم تعد اثاره خافية على احد .. وقد شكل قرار انشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد “نزهه” اول اعتراف رسمي بوجود هذا السرطان وقد طالب كثيرين الهيئة بالتشهير بالمفسدين خلال السنوات الماضية وهو امراً لم يحدث كون ان الهيئة ترى ان ذلك عقوبة يجب ان تكون بناء على حكم قضائي..

ما قامت به الحكومة بعد صدور نظام اللجنة العليا لمكافحة الفساد من إجراءات ومع أهميتها يعد اجراء لاحق لوقوع المخالفة(الفساد) وقد بين النائب العام بانه كان نتيجة عمل استمر لعامين وبعد جمع الأدلة

لاشك ان اول خطوة للعلاج هي التشخيص الصحيح للمرض واخر الدواء الكي – فمتى استطعت تشخيص المشكلة وعرفت أسبابها واثارها استطعت وضع الحلول المناسبة لها .

ولكي تعالج مشكلة شائكه في وضع كهذا فأنه من المناسب ان تكون على مرحلتين :

المرحلة الأولى : مرحلة ما قبل تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد وتعني المخالفات الإداري والمالية الواقعة قبل هذا التاريخ وتكون معالجتها كلاتي أ/ صدور بيان(دعوة) من الهيئة او من تفوضه ويكون بيان حازم وصريح لكل من تورط او وقع في عملية فساد ترتب عليها حصوله على اموال بطريقة غير مشروعه ولم يتم استدعائه حتى الان بأعادة هذه الأموال خلال مدة زمنية لا تتجاوز ستون يوماً ويعفى من العقوبة من يبادر بذلك… ومن لم يبادر خلال المدة يكون رافضاً للتسوية ما يوجب تطبيق العقوبة بحقة….ب/ يفصح كل من تورط او وقع بعملية فساد عن الطريقة التي تمكن من خلالها من الحصول على الأموال وتحديد الثغرات النظامية التي ساعدته على ذألك مع ذكر أسماء الموظفين المتورطين بمساعدته على ان تكون هذه المعلومات بسريه تامه ترد على رقم يخصص لذلك الغرض…ج/ مراجعة جميع المشاريع ذات المبالغ العالية من حيث سلامة إجراءات المناقصة ولترسيه ومقدار مبلغ تكلفة المشروع ومدى توافقه مع القيمة الفعلية لإنجاز المشروع ومدى التزام المقاول المنفذ بتنفيذه وفقاً لشروط العقد.

مع ملاحظة بان عملية الفساد ليست حكراً على بعض أصحاب النفوذ فهناك عمليات فساد تورط فيها موظفين في مرتب متوسطه واقل من ذلك وهي لا تقل أهمية عن من سواهم نظراً لكثرة هذه العمليات ما يعني بأن مجموع المبالغ لا تقل من حيث الحجم عما حصل عليه الاخرين وان قل عددهم..

المرحلة الثانية:

مرحلة ما بعد صدور نظام اللجنة العليا وتعد اهم من المرحلة الأولى كونها تأخذ صفة الديمومة والاستمرارية على ان يكون في مقدمتها اولاً: احياء الوازع الديني لدى افراد المجتمع عامة والدى الموظفين في القطاعين العام والخاص خاصة. كونه الرادع الأول للنفس البشرية وتفعيل الرقابة الذاتية لدى الموظف وذلك من خلال المحاضرات والندوات الدينية وائمة وخطباء المساجد والكلمات الوعظية والمطويات الورقية..ثانياً تعزيز الشعور والانتماء الوطني لدي المجتمع وبيان خطورة الفساد واثارة السلبية على الفرد والمجتمع حاضراً ومستقبلاً مع وضع خطه واضحة ومتكاملة لمحاربة الفساد يشارك في تنفيذها الجميع .ثالثا: إضافة مادة علمية تعنى بمكافحة الفساد وبيان خطورته للخطة التعلمية  للمرحلتين التعليم العام والجامعي وتكون دراستها الزاميه لتحصين النشء من هذه المرض رابعً: تطبيق العقوبات المقررة شرعاً ونظاماً على مرتكبي الفساد من موظفي القطاعين العام والخاص على حداً سواء والتشهير بهم ..خامساً: تأهيل الكوادر البشرية العاملة في الإدارات المالية وبشكل مستمر لزيادة خبراتهم وكفاءتهم سادساً: استحداث إدارة للرقابة الداخلية في المؤسسات العامة وفروعها ترتبط مباشرة في الجهات الرقابية …سابعاً: سلخ إدارة او وظيفة المراقب او الممثل المالي من وزارة المالية وضمها للديوان المراقبة العامة لضمان الاستقلالية. ثامناً: تفعيل الرقابة الإدارية والمالية الصارمة وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب.. تاسعاً: استحداث نظاماً لحماية المبلغين عن الفساد من الموظفين وغيرهم تكون سرية المعلومة اساساً له يمتنع على الجهة الرقابية المختصة بموجبها  الإفصاح عن هوية المبلغ مهما كان مالم يثبت كيدية البلاغ وسوء نية المبلغ. عاشراً: تشجيع موظفي القطاع العام على الإبلاغ عن عمليات الفساد التي تقع ضمن جهات عملهم عن طريق وضع نظام للحوافز المادية والمعنوية  مع اعتبار ان سكوت او امتناع  الموظف عن البلاغ مشاركة سلبية في عملية الفساد…… والله الموفق