بئر زمزم هو بئر يقع في الحرم المكي على بعد 20 متراً من الكعبة، ويعتبر ماؤها من الأمور المقدسة عند المسلمين لما يحمله من معانِ دينية، وأفادت الدراسات أن العيون المغذية للبئر تضخ ما بين 11 إلى 18.5 لتراً من الماء في الثانية ويبلغ عمق البئر 30 متراً .

وعن أسرار هذا النبع الدائم، ومن أين يأتي ماء زمزم، وما هي مصادره ؟.

كل هذه التساؤلات وغيرها يجيب عليها الدكتور مهندس يحيى كوشك المتخصص بـ ” هندسة البيئة ” من جامعة واشنطن الأميركية، وأول خبير سعودي في المياه، والمشرف على تجديد بئر زمزم .

قال كوشك بداية ظهور بئر زمزم تتزامن مع القصة المعروفة لسيدنا إبراهيم عليه السلام، عندما ترك زوجته هاجر، وابنها الرضيع إسماعيل عليه السلام في ذلك المكان المقفر، وعندما بلغ العطش من الرضيع مبلغه راحت هاجر تهرول بين الصفا والمروة، ودعت ربها أن يعينها.

فأرسل الله جبريل عليه السلام، الذي ضرب الأرض والجبال بجناحه، الضربة المسماة بـ” هزمة جبريل “، والتي أحدثت تشققات وتصدعات في أجواف الجبال المجاورة لمكة، مثل جبل الطائف والهداء وغيرهما، وكانت تحوي مخزونا هائلا من المياه سواء من الأمطار أو المياه الجوفية.

وتابع كوشك بأنه نتج عن تصدع الجبال انسياب المياه المخزونة فيها إلى موقع البئر، حيث تفجر الماء تحت قدمي الرضيع إسماعيل، وعلى مسافة 21 مترا من الكعبة التي لم تكن مبنية حينها، مشيرا إلى أن المياه تتسرب إلى البئر وتتجمع فيها عبر ثلاثة تصدعات صخرية، ممتدة من تحت الكعبة المشرفة، ومن جهتي الصفا والمروة.

وأشار كوشك إلى أن ماء زمزم لا يفيض من الجنة كما يشاع، كونه يتجمع بالبئر على النحو المشار إليه، وأنه مع الوقت واستمرارية سريان الماء تكون ” وادي ابراهيم “، وبه حوض يسيل منه الماء سنويا إلى البئر زمزم.

وتطرق كوشك إلى ” السر ” في تميز طعم ماء زمزم عن غيره بأنه يرجع إلى مرور الماء بصخور معينة من اتجاهات متعددة، وأي مياه تنبع من هذه الأماكن وتصب في قاع البئر تكتسب طعما وخواص ماء زمزم.

ولماء زمزم أسماء تزيد عن 60 اسماً، أشهرها زمزم، وسقيا الحاج، وشراب الأبرار، وطيبة، وبرة، وبركة، وعافية، ومنذ القدم كان أهل مكة يستقبلون ضيوفهم بماء زمزم، تكريما احتفاءً بهم، وهم يتفنون بتقديمه باردا من دوارق طينية نظيفة مبخرة باللبان (المستكه)، لإكسابه نكهة خاصة محببة للشارب منه حيث لاتزال هذه العادة باقية حتى الآن، كما لا يقدمون في شهر رمضان على موائد الإفطار غير ماء زمزم الى جانب حبات من رطب التمر.

كما يحرص المكيون على جعل ماء زمزم آخر ما يغسل به موتاهم قبل دفنهم،، كما أن كل حاج أو معتمر يحمل معه ماء زمزم في رحلة العودة إلى بلده كهدية إلى أهله ومقربيه.