كلنا ذو هموم , وهذا حال دنيا الزوال , والسعادة الأبدية في دار الخلود , قال تعالى عن الدنيا ” لقد خلقنا الإنسان في كبد ” وقال عن الجنة ” وأما الذين سعدوا ففي الجنة ” ولكن هل تدوم الهموم والأحزان والآلام ؟ لا وربي الذي قال ” فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ” ولن يغلب عسر يسيرين وفي هذه الآية بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم ولسائر الأمة من بعده مفادها أنه مهما ضاقت دروب الحياة فلابد أن يأتي الفرج , فالرسول صلى الله عليه وسلم قد ضيق عليه في مكة وأوذي في الطائف وعودي في المدينة , ثم مكن الله له وأنجز وعده ونصره ,وفتح له مكة ثم اليمن ثم توالت الفتوحات حتى كان يعطي الرجل المائتين من الإبل , ثم قال تعالى ” فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب ” وهذا أول طريق التفاؤل , فالعمل الجاد نحو رضا الله والدعاء هما أول طريق التفاؤل , فالمؤمن المتفائل لايكون مكتوف اليدين أبدا , بل ينطلق في حياته ويحسن الظن بربه ويجمع مع ذلك الدعاء وبذل الأسباب , قال بعض السلف : ” إذا قصر العبد في العمل ابتلاه الله بالهموم ” ومن تأمل سيرة العظماء المتفائلين وجد أنهم في أحلك الظروف وأشد الأوقات على مستوى كبير من الفأل الحسن والظن الحسن بربهم سبحانه , فهذا موسى عليه السلام يتبعه فرعون وجنوده من ورائهم والبحر أمامهم ولا مفر من الهلاك والموت المحقق يقول حينها ” إن معي ربي سيهدين ” ففلق الله له البحر , وزكريا شيخ كبير وامرأته عاقر ويدعو الله أن يرزقه الذرية الطيبة ” فيستجيب الله له , ويعقوب يفقد اثنين من أبنائه ولكنه لايفقد الثقة بربه فيقول ” يابني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولاتيأسوا من روح الله ” فيرد الله له ابنيه , ومحمد صلى الله عليه وسلم وهو مطارد مع أبي بكر يبشر سراقة بسواري كسرى , أي تفاؤل هذا ؟ وأي حسن ظن بالله ؟ ويأتي سراقة في زمن عمر ويلبسه عمر سواري كسرى بعد فتح بلاد فارس فيبكي ويبكي عمر معه ..

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج

وما أجمل البيت الذي يقول :

سيفتح الله بابا كنت تحسبه من شدة اليأس لم يخلق بمفتاحِ

فلنتفاءل ولنحسن الظن بربنا ولنجعل هذه الآية نصب أعيننا ” ولسوف يعطك ربك فترضى “