زار الملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسس المملكة منزل ” كريم حكيموف ” سفير الأتحاد السوفييتي في جدة بالمملكة وقد كان ” حكيموف ” صديقاً مقرباً للمؤسس وهذا الدبلوماسي المسلم كان ولعاً شديداً بثقافة العرب وحياة البادية، إضافة إلى كونه مهندس العلاقات السعودية – الروسية .

وتلك الزيارة التي كان لها أثر نفسي وعاطفي بالغ على خديجة هانم زوجة السقير فهي مرتبطة بذكرى ابنها شامل الذي توفي في جدة، ووري جثمانه في الديارة المقدسة.

قالت خديجة: ” الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ذلك الزعيم الذي ترتعد فرائص الرجال خوفاً منه، ومهابة، كان عطوفاً طيب القلب، وكنا نشعر أنه يخصنا بمعاملة خاصة، وذلك ربما كان يشعر بمدى ما يعانيه المسلمون السوفييت على أيدي رجال ستالين”.

وتابعت: ” أتذكر آخر زيارة له وما دار خلالها، لقد جاء مشياً تحيط به ثلة من المرافقين، وعندما شاهد حكيموف جلالته وهو مقبل هرع على الفور مُرحباً كعادته، فدخل جلالته ومرافقوه إلى ديوان الضيوف في الطابق الأرضي من منزلها الذي كان هو نفسه مقر القنصلية.

وأضافت جلس زوجي مقابل الملك عبدالعزيز، فانهمكا في حديث ودي تخللته أسئلة سمعت جلالته يطرحها، وأغلبها يتعلق بأوضاع المسلمين في الاتحاد السوفييتي وأحوال البلاد والمشاريع الاقتصادية الجديدة التي تنفذ هناك .

وأردفت خديجة خانم: ” في الأثناء كنت في الغرفة المجاورة، أحاول متابعة الحديث بين جلالته وحكيموف، لقد كنت أحاول التغلب على حزني ودموعي، وأحاول كبت ما في نفسي، لكنني وفي لحظة تغلبت فيها العاطفة على العقل لم أتمكن من السيطرة على ما كنت أقاومه فانفجرت باكية وبصوت مرتفع” .

وعندها تنبه الملك عبدالعزيز لبكاء خديجة، فسأل حكيموف بصوت مرتفع وبتأثر واضح: يا حاج عبدالكريم إنني أسمع نحيباً فما سبب هذا النحيب. لعله خير إن شاء الله؟ .
وجاء رد حكيموف مرتبكاً وهو يحاول إخفاء انفعاله: إنها زوجتي يا طويل العمر، لقد وافت المنية ولدي الصغير شامل ليلة أمس. بعد إصابته بمرض الزحار (داء يصيب الأمعاء) الذي أودى بحياته، والكلام لخديجة خانم.

صف خديجة هذه اللحظات بالارتياح الشديد عندما هب الملك عبدالعزيز واقفاً واستأذن الدخول إلى جثمان شامل مقترباً منه وردد مرات عدة، يرحمه الله، يرحمه الله، وألهمكم شأنه الصبر والسلوان.

كانت لحظة لا يمكن وصفها، تختم خديجة كلامها: ” شعرت كم أن هذا الرجل الذي اهتزت من مهابته كثبان الجزيرة العربية وصحاريها متواضع غاية في التواضع، إنه تواضع المؤمن والقوي. لقد أمر رحمه الله بإقامة عزاء رسمي، وأمر بأن يدفن ابننا شامل في مكة المكرمة”.

في سبتمبر استدعي حكيموف إلى موسكو حيث اعتقل، ثم أعدم رمياً بالرصاص في يناير عام 1938 قبل ذهابه إلى موسكو، اقترح الملك عبد العزيز آل سعود، على حكيموف اللجوء السياسي في السعودية بعد تلقيه برقية من موسكو تطالب بعودته الفورية إلى الاتحاد السوفييتي، لكن حكيموف رفض هذا الاقتراح.

وأشارت في عام 1938 اتخذ الملك عبدالعزيز قراراً بعدم استقبال سفير سوفييتي جديد، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفييتي احتجاجاً على إعدام صديقيه كريم حكيموف ونظير تيوراكولوف.