أصبحت لغة الأرقام تتحدث عن نفسها وتكشف كيف يعاني الاقتصادُ القطري ويئن تحت وطأة مقاطعة التحالف العربي للدوحة على خلفية اتهامها بدعم الإرهاب.
فبحسب استفتاء أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عبّر أكثر من 54% من القطريين عن رفضهم دعم حكومتهم لجماعة الإخوان، كما عبّر أكثر من 90% عن رفضهم علاقة نظام قطر بإيران ووكلائها في المنطقة (حزب الله، وجماعة الحوثي). ودعا أغلبية الشعب حكومتهم إلى تقديم تنازلات لحل الإشكال الذي بدأت تداعياته تظهر على الشعب القطري.
التأخر في الاستجابة لمطالب الأشقاء العرب تزداد كلفته الباهضة يوماً بعد يوم؛ فعلى المستوى السياسي بدأت تتشكل معارضة قوية وشرعية من الأسرة الحاكمة تحظى بقبول كبير لدى أطياف المجتمع الخليجي، وعلى المستوى العربي سواء الشعبي والرسمي، ولا يمكن تجاهلها مستقبلاً؛ فهم كما يراهم مراقبون، عقلاء الأسرة الحاكمة، ويمكن المراهنة عليهم. كما أن النظام القطري الحالي بشكله الحالي بات منبوذاً مكروهاً لم يَعُد يحتمله أحد؛ وبالتالي فاستمرار أزمة التعنت القطري تستنفذ من رصيد هذا النظام على المستوى الداخلي والخارجي.
وعلى المستوى الرياضي، ظهرت بوادر حقيقية عن إمكانية سحب تنظيم كأس العالم من قطر؛ نظراً للعزلة التي يعشيها هذا النظام وسط محيطه العربي، وتكشّفت تحقيقات سرية وعلنية تُجريها مؤسسات مختلفة عن قضية الفساد التي شابت التصويت لدولة قطر، كما زادت شهية المنظمات الحقوقية لفتح ملف عمالة كأس العالم المُصَنَّفين -بحسب منظمات دولية- بـ ” العبيد ” ! وهي عوامل ترجّح سحب كأس العالم من هذا النظام؛ بل طُرحت أسماء دول -بحسب ” الديلي ميل ” – مثل بريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية كدول بديلة.
ما من الناحية الاقتصادية فقد تكبدت بورصة قطر خسائر قاسية منذ اتخاذ دول التحالف العربى قراراً بمقاطعتها بسبب دعمها للإرهاب في الخامس من يونيو الماضي؛ لتدخل البورصة في أزمة حادة جعلت مليارات الريالات تتبخر منها لتقترب من خسارتها من ربع قيمتها السوقية، وربما أكثر إذا استمر الوضع على حاله حتى نهاية العام. وبلغة الأرقام والمليارات فإن 124 مليار ريال قطري (33.3 مليار دولار) تبخرت من بورصة قطر خلال العام الحالي أي في تسعة أشهر فقط.
كما أدت العقوبات إلى سحب دول الخليج الودائع من البنوك القطرية؛ مما أدى إلى تفاقم هبوط أسعار العقارات وتراجع سوق الأوراق المالية 18%.
وتستمر التداعيات السلبية للأزمة القطرية التي طالت جميع قطاعات الاقتصاد المحلي، وألقت بظلالها السلبية على المناخ الاستثماري والبيئة التشغيلية.