هو ذاك اليوم الّذي تحقّق فيه التكامل والوحدة وأزيلت به الفرقة والتفكك والتشاحن إلى التآلف والتلاحم والبناء والإعمار تحت قيادة واحدة هو اليوم الّذي يشهد له التاريخ بمدى التطوّر والازادهار الّذي حصل لهذه الصحاري القاحلة والسهول الموحشة والشواطئ الممتدة وحولها إلى معالم حضارية.
هذا يوم يرفع فيه كل مواطن يديه لله حمداً وشكراً ورأسه شموخاً وفخراً بما تحقق على أرض وطنه المعطاء ورجاله المخلصين الذين ضحوا من أجل تطور هذا الوطن بالغالي والنفيس فلنمكل المسير ونحافظ على الصنيع ولنخلص في أعمالنا وللوطن ونبذل جهدنا لنبني معالم تسطر على صفحات التاريخ شاهدةً لنا لا علينا.
في هذ اليوم الوطني يجب أن نحدث أبنائنا وجيلنا ونروى لهم ما كان عليه جيل الآباء والأجداد من شقف وضيق في العيش ومخاطر الحياة التي كانوا يعيشونها وكيف كانت حياتهم محفوفة بالمخاطر ليدرك هذا الجيل هذه الحقيقة التي لم تكن فصلاً من  رواية البؤساء ولا مقطعاً من فلم خيالي إنها قصص الآباء والأجداد على هذه الأرض قصص بقايا الآلام في وجوه الأحبة الذين لهم بقايا يعيشون بيننا ليقرءوا تلك القصص في ملامحهم ودعوهم يتحدثون ويحدثوهم عن ندوب التاريخ وكلوم الأيام في وجوههم وأكفهم وقلوبهم.


حدثوا بها أطفالكم وأبنائكم والشباب عن المآسي والآلام والأحزان والفاقة التي عاشها أجدادهم وانعدام الأمن والخوف والسلب والنهب لعل الأبناء يعرفون قدر هذه النعمة التي نعيشها اليوم فيحافظوا عليها من الزوال بشكر المنعم وترك ما يروج له البعض من المهرجانات المختلطة واللهو والطرب والأغاني والراقصين والراقصات على أنغام الموسيقى والدعوات الباطلة لإخراج هذا البلد عن السراط المستقيم والجنوح به للضلال والهاوية وما ينشط له أدعياء التغريب والانحلال ليدركوا مآربهم.
ولنعلم أن شُكْر الله على نعمه من مُقوِّمات الأمن والاستقرار وحصول الأرزاق وتوافُرها وشُكْر النعم يَضمن بقاءها وزيادتها والسلامة من عذاب الله الشديد قال تعالى {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} فإن الأيام دول فكُفْر النِّعم سبب لزوالها وتبدُّلها بالجوع وسبب لاختلال الأمن والاضطراب بعد الاطمئنان وسبب لانقطاعها بعد توارُدها من كل مكان وسبب للقحط والجدب بعد الخِصْب والرَّغد.
كما لا ننسى ولا يَذهب عن أذهاننا أن حصولَ النِّعم في بعض المجتمعات ولبعض الأفراد مع التلبس بمعاصي الله تعالى قد يكون استدراجًا من الله تعالى لهذا المجتمع ولهذا الفرد فيكون مآله إلى الهلاك والدمار قال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

لنتدارك الأمور وننجوا بالسفينة بالأخذ على أيدي المفسدين والسفهاء من القوم فإن الْخراب والدّمار لا ينشده ذَوُو العقول والألباب فلا أحد يقبل بِهدم بيتهِ وخراب داره ولا يسعى فِي ذهاب مصالِحه وفساد شأنه وصدق القائل:
ومن ذا الذي يرجو اللئيم سجية
ويــأمـل ريــا مـنــه وهــو سـراب
ويــعــقــد كــفــيـه عـلـى وُدِّ غَادرٍ
ألا إن عـــمــران الـــعـــدو خـــراب