إن النهج الذي تتخذه قطر منذ مدة طويلة هو نهج سياسي خارجي توسعي وبراغماتي في آن واحد. ولرغبتها في الصول على دور إقليمي أكبر، فقد جارت قطر رغم صغرها دول قوية خليجية وغيرها ذات نفوذ قوي. واستطاعت مجاراة مثل هذه الدول ضمن التيارات السياسية والتفاعل والانخراط مع بعض الجهات المعينة. وبالنسبة لأنشطتها من جهات متعددة فقد أصبحت متطورة حيث كانت متركزة على حل النزاعات بين الأطراف والآن أصبحت تقوم بتمويل وتدريب الفرق العسكرية بشكل مباشر. وفي العام 2011 وقعت قطر في تحديات داخلية وضغط خارجي؛ أثرت بشكل كبير على علاقاتها مع منافسيها.
في العام 2014 أصبحت التحديات التي تواجهها قطر كبيرة وبلغت ذروتها من التعقيد وذلك لسببين هما:
– قيام قطر بدعم جماعة الإخوان المسلمين في سوريا وتورطها في ذلك. ومحاولتها إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

– وفي مصر، فإن جماعة الإخوان المسلمين حلفاءها في مصر قد تم التشديد عليها الحكومة الجديدة التي ظهرت بعد الانقلاب على رئيس مصر السابق مرسي في 2013.

كما ارتبطت قرارات وتداعيات السياسة الخارجية لقطر بمنافستها قديما للمملكة العربية السعودية وذلك حول مدى النفوذ الإقليمي لكل منهما. حيث إن الدوحة كانت عاملا مهما تحت ظل الرياض. وحاولت جاهدة في أن تزيد نفوذها في الملفين المصري والسوري. واشتد الخلاف بينهما بسبب جماعة الإخوان المسلمين في مصر وذلك لأن السعودية تعتبر هذه الجماعة من أكبر التحديات المواجهة لها.
أدى كل ذلك إلى مشاكل داخلية في قطر وزعزعت الاستقرار الداخلي لها. مما قلل الاهتمام بالأمور الإقليمية والاتجاه نحو حل الشؤون الداخلية. وذلك ما مكن المملكة العربية السعودية إلى إعادة الدولة إلى فلكها.

إن الانتفاضات التي ظهرت منذ 2011 كانت السبب الرئيس في محاولات قطر لزيادة نفوذها الإقليمي. ويظهر ذلك في علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين. حيث يبدوا وكأنها كانت تختار الأطراف التي تملك نفوذا أكبر. وذلك في الدول التي بدأت فيها الانقلابات مثل مصر، تونس، ليبيا واليمن.

إن اختيار قطر للأطراف ذات النفوذ الأقوى اعتقادا منها أنها ستنتصر عسكريا أو سياسيا ومن ثم تكون قطر حليفا في الحكومات الجديدة التي ستتشكل. بعد اندلاع الربيع العربي بدأت جماعة الإخوان المسلمين بالانتخابات الديموقراطية والتي كانت تجمل الاحتمال الأكثر في تحقيق النجاح وتحقق ما خططت له قطر. لكن لم تكت الانتخابات لصالح هذه الجماعة. ولم تنجح في إثبات قوتها؛ بل بالعكس؛ فقد ظهرت نواحي قصور لدى جماعة الإخوان المسلمين.

رغم كل ذلك القصور والأخطاء التي ظهرت لدى جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن قطر قد استمرت بدعم هذه الجماعة. وبذلك رأت المملكة العربية السعودية أن قطر تتعدى الحدود المقبولة. فهي تدعم هذه الجماعة بشكل غير مشروط وتحديدا التي في مصر. قاد السعودية إلى القيام باتخاذ قرارات عقابية دلت على أنها تحذيرات حول الدوحة التي أصبحت تهدد استقرار الخليج العربي.
بعد هذه الضغوطات والتوترات في قطر فقد حالت جاهدة الى تسوية الوضع وقاد ذلك الدوحة إلى قبول “العمل المشترك” في منطقة الخليج.

وقد استمرت قطر بدعم جماعة الإخوان وذلك أحدث تضررا في علاقتها مع الولايات المتحدة. فبداية وعند فوز الاخوان بأغلب المقاعد البرلمانية. قدمت قطر نفسها للولايات المتحدة. وساعدت تطمينات الدوحة في أن تظهر واشنطن قبولا لذلك. لكن بعد إقصاء الإخوان المسلمين من السلطة؛ توضح ان هذه التطمينات التي كانت من قبل الدوحة لم تكن في محلها وأدى ذلك بقطر إلى خسارة نفوذها لدى الولايات المتحدة. تلافيا لذلك وبعد ضغط الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية عليها وبسبب برغماتيتها لإنقاذ موقفها الإقليمي أعلنت دعمها للنظام المصري الجديد؛ لكنها لم تقدم أي دعما ماليا للنظام الجديد.