أكد وزير الشؤون الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، أهمية إرساء دعائم الحوار السياسي والتشاور بين المجموعة العربية واليابان في ظل تطورات الأوضاع بالمنطقة، لافتًا الانتباه إلى الاهتمام الذي توليه اليابان للشراكة مع العالم العربي، في إطار الاستفادة من القدرات والطاقات الهائلة للاقتصاد الياباني وخبراته العالية.
ودعا مساهل في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الأولى للاجتماع الوزاري للحوار السياسي العربي الياباني بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية، إلى ضرورة مواصلة العمل لإيجاد الحلول السياسية لإنهاء الصراعات التي تعصف بكيانات بعض الدول العربية بما يمكنها من الحفاظ على وحدتها وسيادتها واسترجاع أمنها واستقرارها.
وناشد وزير الشؤون الخارجية الجزائري كل الأطراف وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي العمل بشكل جدي لإيقاف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني والضغط عليه لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته وعاصمتها القدس.
وطالب مساهل بإيقاف آلة الحرب والدمار التي تضرب سوريا، وتكثيف الجهود لإيجاد الحل السياسي لهذه الأزمة، والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها.
وأكد ضرورة الالتزام بوحدة اليمن وسيادته وأمنه واستقراره، وضرورة العمل من أجل التوصل إلى حل سياسي، استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة ومخرجات الحوار الوطني الشامل مع دعم جهود المبعوث الأممي لليمن.
وشدد الوزير الجزائري على ضرورة توحيد كافة الجهود في إطار استراتيجية موحدة وشاملة تلتزم بقواعد الشرعية الدولية وتضمن استئصال ظاهرة الإرهاب وتجفيف منابعها الفكرية.
من جهته، قال وزير خارجية اليابان تارو كونو في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، إن الشرق الأوسط يمثل عنصرًا هامًا لبلاده، فهو المحرك الأول للاقتصاد الياباني، مشيرًا إلى أن اليابان تسعى لمشاركة منطقة الشرق الأوسط بشكل أكبر ليس من الناحية الاقتصادية التي تتمثل في ميزانية تقدر بأكثر من 3 تريليون دولار، بل ستسعى بلاده إلى زيادة الشراكة في مختلف المجالات.
وشدد كونو على أن أمن الشرق الأوسط من أمن اليابان، ولا يمكن أن ترى بلاده خطر على المنطقة وتقف دون تقديم المساعدة، متعهدًا ببذل المزيد من الجهد للتعامل مع التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، موضحاً أن هناك عدد من المبادرات اليابانية لتطوير العلاقات في منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها مبادرة “ممر السلام” التي تهدف إلى تشجيع استقلال الاقتصاد الفلسطيني من خلال تعاون إقليمي شامل بين فلسطين والأردن وإسرائيل.
ونوّه بأنه يدرك الأثر الخطير الذي تشكله أزمة اللاجئين السوريين على بلدان المنطقة، مطالبًا المجتمع الدولي بمعالجة تلك القضية بصفة مشتركة.
وفيما يتعلق بالتجربة النووية لكوريا الشمالية، طالب الوزير الياباني المجتمع الدولي ببذل قصارى جهده للضغط على بيونج يانج من خلال مجلس الأمن الدولي.
من جانبه، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أن العالم العربي واليابان يتطلعان إلى نظام دولي مستقر ومتوازن، يعكس مبادئ العدالة والسلام والأمن الجماعي، ولاسيما أن المنطقتين العربية وشرق آسيا، تواجِهان تحدياتٍ ذات طبيعة أمنية خطيرة وضاغطة، مما يعزز الحاجة إلى إجراء مثل هذا الحوار بين الدول العربية واليابان للوقوف على تلك التحديات وبحث سُبل التصدي لها.
وأفاد أبو الغيط، بأن الاقتصاد والتنمية رغم أهميتهما في توفير الحياة الكريمة للفلسطينيين، لا يكفيان وحدهما كسبيل لتحقيق لاستقرار والازدهار في هذه المنطقة، مشددًا على أنه لا بديل عن التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة تضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفيما يتعلق بسوريا، أوضح الأمين العام للجامعة العربية أن هناك فرصة يتعين اغتنامها في مناطق خفض التصعيد التي جرى إنشاؤها عبر مسار الآستانة برعاية روسية، معربًا عن تطلعه لأن يفضي استقرار هذه الاتفاقات المحلية إلى تسوية سياسية شاملة في سوريا على أساس القرار 2254، بما يلبي تطلعات الشعب السوري، ويضمن وحدة هذا البلد واستقلاله.
وفيما يخص ليبيا، أعرب أبو الغيط عن أمله في تكثيف الجهود الدولية في المرحلة المقبلة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية وتشجيعها على التوصل إلى التفاهمات المطلوبة لاستكمال المرحلة الانتقالية التي ما زالت تعيشها ليبيا للأسف منذ 2012 وإلى اليوم.
وبيّن الأمين العام للجامعة العربية أن آفاق التعاون العربي – اليابان واسعة وتنطوي على فرص كبيرة للجانبين، ولا ينبغي أن تقِف عند حدود الاقتصاد أو التجارة أو الثقافة أو السياحة، بل يتعين أن تُترجم العلاقات التجارية والثقافية إلى تنسيق سياسي جاد ومستمر.
وعبّر أبو الغيط عن أمله في أن يتيح هذا الاجتماع فرصة طيبة للعمل على تطوير ودفع التعاون القائم بين اليابان والدول العربية، ليشمل مجالات أكثر اتساعاً وعمقاً بما يخدم مصالح الجانبين.
بدوره، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية “إنه ليس من المقبول استمرار انعدام التوازن في الالتزامات في المجال النووي بين الدول العربية من جانب وإسرائيل من جانب آخر، حيث ما زالت إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي ترفض الانضمام لمعاهدة عدم الانتشار النووي”، داعيًا اليابان لاتخاذ موقف يدعم الموقف العربي المناهض للقدرات النووية الإسرائيلية.
وأشار شكري إلى أن العالم العربي يتمسك برؤيته المشتركة لحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وحل القضية الفلسطينية وفق رؤية الحل المبني على قيام دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمان.
وعدّ وزير خارجية مصر المبادرة العربية للسلام لعام 2002م، خير دليل على تمسك العرب بالحل السلمي للصراع العربي الإسرائيلي لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
وطالب شكري بضرورة تبني مواقف موحدة إزاء ما تشهده المنطقة من أزمات في سوريا وليبيا واليمن، من خلال التركيز على أهمية الحفاظ على الدولة الوطنية كأساس لأي حل، واللجوء إلى الحوار كآلية لحل الخلافات والنزاعات بما يكفل استقرار الإقليم لصالح الشعوب والاستقرار العالمي والإقليمي.
وعلى صعيد الحرب على الإرهاب، شدد الوزير المصري على ضرورة تبني المجتمع الدولي مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب لا تقف عند حدود المواجهات العسكرية والتعاون الأمني فيما بين الدول وإنما تمتد لتشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
فيما أعرب وزير الخارجية وشؤون المغتربين الفلسطيني رياض المالكي في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، عن تطلعه نحو مواصلة تعميق وتعزيز العلاقات الثنائية مع اليابان، ورفع سقف التوقعات نحو تتويج العلاقة الفلسطينية – اليابانية في المستقبل القريب باعتراف اليابان بدولة فلسطين، تماشيًا مع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة.
ونوّه المالكي بالدور الذي تلعبه الحكومة اليابانية من خلال دعمها الدائم والمستمر لبناء وتطوير مؤسسات الدولة الفلسطينية، وتعزيز القدرات البشرية للشعب الفلسطيني، بما يصب في صالح رؤية اليابان في تحقيق الازدهار والسلام في المنطقة.
وعبّر الوزير الفلسطيني عن ثقته في أن العالم العربي من خلال جامعة الدول العربية، ودول العالم المؤثرة التي تأتي اليابان في مقدمتها، قادرة بتنسيق مشترك على وضع تصور يعمل على مساندة الموقف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.