أكد التقرير السري الذي تم تسريبه مؤخراً عن الكونجرس الأمريكي، على متانة العلاقات القطرية – الإيرانية وتشعبها في العديد من المجالات، مما أثار العديد من الأسئلة في مختلف الأوساط، وخصوصًا للجهات والكيانات التي كانت تنكر متانة العلاقات بينهما، وترى أنها في مستوى طبيعي للعلاقات بين الدول.

وأزاح التقرير الستار عن جوانب مبهمة، ومنها تآمر الدوحة مع طهران على دول مجلس التعاون الخليجي، وكيف كانت تطعن دول مجلس التعاون الخليجي في ظهورهم وتنقل لطهران ولنظام الملالي من وراء الجميع تفاصيل اجتماعات مجلس التعاون الخليجي وقراراته، وخصوصًا ضد طهران.

 

 

فضيحة منذ 9 سنوات

وتعد هذه هي المرة الثانية التي يكشف فيها تقرير من الكونجرس تآمر الدوحة الفعلي على دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أن تقريرا مشابها صدر عن الكونجرس قبل 9 سنوات، وبالتحديد في عام 2008، فاضحاً الاستراتيجيات التي سارت عليها الدوحة بعيدًا عما رسمته دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك ” لضمان أمنها واستقرارها ” حسب زعمها!.

وألقى -التقرير السري الذي ظهر مؤخرًا- الضوء على طبيعة العلاقات بين قطر وإيران، منوهاً بأن المقاطعة العربية للدوحة قد قطعت خط إمداد رئيسي بين الدوحة وطهران، كان مفتوحًا على مدى السنوات الماضية.

 

ورغم أن العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي وطهران تشهد توترًا متقطعًا، إلا أن الدوحة حرصت على تعزيز علاقاتها بإيران.

وبذلك التقرير يصبح النفي المتكرر من المسؤولين القطريين فارغاً من أي دليل أو أساس، خاصة وأن التقرير الأميركي لفت إلى مزيد من الاجتماعات المتكررة لمسؤولين قطريين بشخصيات من داخل الحكومة الإيرانية، خاصة في السنوات الأخيرة، وتأكيد الدوحة حيادها في أي صراع، بدءًا من الحرب العراقية الإيرانية!.

 

 

علاقات سرية

وساهمت برقية سرية للسفير الأميركي السابق لدى الدوحة، جوزيف لابارون في تعزيز فحوى التقرير، حيث أكد الفير فيها أن قطر، وعلى لسان مسؤوليها، لا توافق على عزل طهران أو قصفها أو جعلها عدوًا، وترى أن العلاقات الإيرانية القطرية ” ودية ” .

ورغم أن إيران بعد الثورة رفعت شعار تصدير الثورة بغية إسقاط أنظمة دول الجوار بسبب علاقاتها بالغرب و ” الشيطان الأكبر ” ، على حد نص الشعارات الفارغة التي كانت ترددها إيران، ظلت العلاقات بين طهران والدوحة تتوسع، وكانت إيران تقف مع قطر في خلافاتها الحدودية مع المملكة العربية السعودية، ولهذا السبب بعث الأمير الأسبق برسالة شكر في مايو 1992 إلى الرئيس الإيراني الأسبق، هاشمي رفسنجاني، ليشكره على دعم بلاده لقطر في خلافاتها مع السعودية!.

كما شهدت العلاقات بين الدوحة وطهران المزيد من التطور خلال زيارة الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، لقطر في مايو 1999، ودعمت إيران قطر لاستضافة مؤتمر القمة الإسلامي حينها، وتطورت العلاقات بعد انتخاب محمود أحمدي نجاد، وبلغ التعاون مع إيران ذروته عندما دعت قطر الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، في عام 2007 لحضور مؤتمر قمة الخليج في الدوحة كضيف شرف!.

 

 

مواقف مخزية ورعاية إرهاب

وأبرز التقرير العديد من المواقف المخزية لقطر، ففي الوقت الذي كانت الدول العربية بشكل عام، والخليجية بشكل خاص، قلقة من الأنشطة النووية الإيرانية وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف صارمة منها، كانت قطر في عام 2006 العضو الوحيد بين 15 عضوًا في مجلس الأمن، الذي صوت ضد قرار مجلس الأمن رقم 1696 حول الملف النووي الإيراني، والذي دعا طهران إلى إبداء المزيد من الشفافية على هذا الصعيد.

ووقع البلدين في أكتوبر 2015 اتفاقًا أمنيًا عسكريًا تحت اسم ” مكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة ” ، حيث التقى في أكتوبر 2015 قائد حرس الحدود الإيراني، قاسم رضائي، بمدير أمن السواحل والحدود في قطر، علي أحمد سيف البديد، وأفضى اللقاء بينهما إلى توقيع اتفاقية تعاون لـ ” حماية الحدود المشتركة ” بين البلدين، وذلك بعد عقد 12 اجتماعًا سبقت آخر اجتماع لمسؤولين أمنيين للبلدين في 2015، وشمل الاتفاق الأمني العسكري ” إجراء تدريبات عسكرية مشتركة ” أيضًا.

واستغلت إيران جيدًا أن قطر لها نفوذ بين المجموعات الإرهابية المسلحة المنتشرة في المنطقة، فعملت طهران التي تقود هي الأخرى ميليشيات طائفية إرهابية مسلحة في مناطق الصراع إلى المزيد من التنسيق بين البلدين للحيلولة دون اصطدام غير متوقع يضر مصلحتيهما.

شوكة في ظهر العرب

والخلاصة كما يقول المراقبون، فإن قرار دول الرباعي العربي بقطع العلاقات مع قطر جاء في وقته تمامًا، فقطر لم تكن أبدًا دولة عربية، ولكنها كانت شوكة فارسية مزروعة في ظهورنا.