قررت المحكمة العليا في أوروجواي اعتبار السفينة ” أدميرال جراف شبي ” وكل ما عليها من كنوز ملكاً لأوروجواي، وأصبح كل ما يهم حكومة أوروجواي هو عزمها على بيع كنز النسر البرونزي الذي يزن 400 طن، والحصول على 10 ملايين جنيه إسترليني؛ بهدف دعم قواتها المسلحة؛ لكن كان لبرلين رأي آخر وقصة أخرى بدأت عام 1939 من القرن الماضي.

وفي شهر سبتمبر عام 1939، ومع بدء معارك الحرب العالمية الثانية، بدأت قصة السفينة الألمانية ” أدميرال جراف شبي ” ، الأكثر تطوراً في العالم في ذلك الوقت، عندما أرسلها النازيون الألمان لتُهاجم قوافل السفن التجارية في منطقة جنوب المحيط الأطلسي، وعلى مدى ثلاثة أشهر أذاقت “جراف شبي” قوافل سفن بريطانيا والحلفاء الأمرّين؛ حتى تَرَبّص لها الأسطول الملكي البريطاني

أرسلت بريطانيا والحلفاء عدة مجموعات مطاردة بحرية للبحث عن ” جراف شبي ” ، وفي 13 ديسمبر 1939 استطاعت إحدى هذه المجموعات (وتتكون من ثلاثة طرادات تابعة للبحرية الملكية البريطانية) العثور على طريدتها والاشتباك معها قبالة مصبّ نهر لابلاتا قرب سواحل الأرجنتين والأوروجواي في أمريكا الجنوبية.
أصيب الطراد البريطاني ” إكستر”، إصابات بالغة أثناء المعركة، أجبرت طاقمه على الخروج به من القتال؛ أما الطرادين ” أجاكس ” و” أكيلس ” فقد أصيبا بإصابات متوسطة؛ في حين أصيبت السفينة ” جراف شبي ” إصابات غير بالغة؛ ولكنها كانت كفيلة بتعطيل نظام الوقود الخاص بها.

وقد تتبع الطرادان ” أجاكس ” و ” أكيلس ” السفينةَ الألمانية حتى دخلت ميناء مونتفيديو (عاصمة دولة أوروجواي المحايدة) لإجراء إصلاحات عاجلة، كانت السفينة تحتاج 14 يوماً للإصلاح؛ لكن سلطات أوروجواي وتحت ضغط من الحكومة البريطانية، أبلغت قائد السفينة الألمانية الكابتن هانس لانغسدورف بأنه لا يستطيع أن يمكث في الميناء أكثر من 72 ساعة، كان لانغسدورف يخشى الهزيمة والوقوع في أسر البريطانيين بسفينته وجنوده.

في 17 ديسمبر عام 1939، أقدم الكابتن الألماني لانغسدورف قائد السفينة ” جراف شبي ” على اتخاذ أغرب قرار؛ حيث أخلى السفينة من كل طاقمها، ووضع هياكل جنود، ثم أحرق السفينة وأغرقها في مصب نهر لابلاتا.

كان ” لانغسدورف ” يظن خطأً أن سيواجه قوة بحرية بريطانية كاسحة عند خروجه من الميناء؛ فأقدم على قراره تجنباً لخسارة الأرواح في مواجهة محسومة النتيجة مسبقاً، وهو القرار الذي أغضب هتلر.
بعد إغراق ” أدميرال جراف شبي “، أخذ أفراد طاقمها إلى العاصمة الأرجنينية بوينس أيرس؛ حيث انتحر الكابتن لانغسدورف في 19 ديسمبر، ليدفن في بوينس أيرس بعد جنازة عسكرية حضرها العديد من الضباط البريطانيين.

في عام 2006، قرر رجل الأعمال الفريديو اتشجراي، تمويل عملية استخراج السفينة والتي قامت بها سلطات أوروجواي، وقررت المحكمة العليا في أوروجواي، أن السفينة ” أدميرال جراف شبي ” وما عليها من كنوز، مِلْك لأوروجواي، وأن من حق ” أتشجراي ” الحصول على 50% من حصيلة بيع هذه الكنوز؛ نظير تقديمه الدعم المالي.

وفي عام 2010، توجه وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله إلى أوروجواي، وطلب من السلطات هناك عدم عرض أو بيع الكنوز التي تنتمي إلى فترة النازية في ألمانيا؛ خاصة النسر النازي البرونزي حامل الصليب المعقوف؛ خشية أن تساهم في انتشار موجات تأييد للنازية، والتي بدأ بعضها في ألمانيا وأوروبا؛ لكن سلطات أوروجواي رفضت، وقامت حكومة أوروجواي وحكومة الأرجنتين، بتدشين العديد من المعارض والمزادات لبيع مخصصات وكنوز النازيين.