ساهمت الأزمة لأحداث قطر المُتصاعدة بين مدّ و جزر لوقائع و أخبار عصفت بأذهان العالم ،

و اختلفت الآراء في مفهوم السيادة التي تحدثت عنها قطر والدور الذي تلعبه في دعمها للإرهاب وهي مجموعة من الأفكار والتيارات لجماعات متطرفة فكرياً وعقائدياً في أن السيادة في الحروب وفرض القوة على الشعوب بلعقها للدماء والرقص على جثث الأبرياء .

وبدأت حالة من الهيجان السياسي شاعت في الأرجاء بسبب منطقة الخليج التي فجرّت قنبلة التصريحات وقلبت الموازين رأساً على عقب ، وأصبحت جرثومة تنشر الأمراض و تُعيق الحركة وتزيد من خطورتها كلما اقتربت من الآخرين بإستفزازها للحقائق و تهويل خوفها من المواجهة خاصة وأنها تقف أمام عمالقة الخليج ( المملكة والإمارات )، وإذا نظرنا إلى عُمق العلاقات بين قطر و مثيلاتها في الخليج سنلحظ الكثير من المُفارقات الجغرافية والسياسية والاقتصادية،و أن الصراع الذي تُديره قطر مع حُلفاء الإرهاب بمثابة تحدٍّ صارخ لهؤلاء القوى،و سُتسفر الأيام عن مكانة كل واحد لن تُخفيها عدالة الكون ،ولقد تأرجحت مكانة قطر بعد التصريحات والتسريبات وجميع الوثائق التي تُدين إجرامها وتعاطفها مع الجماعات الإرهابية وأشارت بإصبعها لنفسها وصرّحت للعالم بأسره أنها بقعة الزيت في خارطة الخليج العربي ،فعندما تطاولت هذه الدُويلة التي كانت يوماً ما جزء من دولة الإمارات وثامن إمارة لها فلا ننتظر الخير من أفعالها فهي ترى نفسها أُسطورة نادرة وأن استقلالها كدولة ليس إلا للإستيلاء على حقول النفط والتفرّد فيه لحسابها وهذا ما قسّمه الاستعمار الأجنبي آنذاك وليس جُهداً فردياً منهم بل لحماية مصالح مُستقبلية ونظرة بعيدة.

و منذ استقلالها لم نشهد أي حضارة تُذكر ،ولم نرى أي إنجاز يُبهر ، إلا استقلالها الوحيد في منطقة الشرق الأوسط بدعمها الكبير لبُؤر الفساد من الرموز السياسية و الدينية إذ كان وجودهم في أوطانهم عار فهربوا إلى جزيرة الإحتماء يُكملون أفكارهم في ظل حرية الإرهاب !

اذن ما هو هدف قطر من ذلك كله ! ماذا فعلت للأمة الإسلامية و العربية !

و أين هي الآن من المسجد الأقصى ! خاصة و أنها الآن في موضع دفاع عن النفس من الإرهاب المنسوب لها ! أين جهودها و سعيها في حلّ الانتهاكات في حق فلسطين!

عندما يكون المسجد الأقصى في خطر لا نستثني دولة عن أُخرى في الوقوف بجانبه لأنه قلب الشرق الأوسط ونبضه، وعندما ينطق الإعلام كُفراً بأن المملكة لم تُبدي تصريح لموقفها من الانتهاكات التي تُمارس في المسجد فهذا يعني أن يُعاد النظر للاعلام المُضلِّل !

إن مُساندة الشعب الفلسطيني ليست حِكراً على أحد بل تتابع حُكّام وملوك لتبّني القضية ولن يتوقف هذا الدور إلى أن تُسترجع لأهلها ، وهنا تتباين الأفعال لا الأقوال فالقول يُتقنه الجميع أما الفعل فلا يُنفذّه إلا واحد وهذه حقيقة لن يُنكرها أحد ، شعر الملك سلمان حفظه الله ملك المملكة العربية السعودية بتجذّره العميق للقضية الفلسطينية و أن أي تجاوزات تخرق قانون الحرية للصلاة فيه تستدعي تدّخلاً سريعا ، ولن تَعَي العقول الصغيرة حجم المُجازفة في تعديل نظام السياسة بهذا التدّخل لا سيّما أن جميع الدول الغربية تُدرك من هو الملك سلمان وحجم ثقله السياسي في القضايا المهمة ، فلم تعد هناك دول تتأففّ لقضايا الشرق الأوسط ووضعها السياسي مثل قضية فلسطين فالجميع يتذّمر دون فعل ، و بإيحاء غير مسبوق يُثيرون الفتن ويُشعلونها و يهربون بكل جُبن !

جاء دور المملكة وسعيها للصلح والسلام و لردع الخطايا و قمع الإرهاب ، و الآخرون ما أن تنتهي مشكلتهم يتسلقّون بكل وقاحة يبحثون عن الحرية على أكتاف جهود الغير ، مُتناسين الدور العظيم الذي قامت به لأنهم لا يعلمون أن سياسة الصُلح بين الآخرين وفضّ المُنازعات و حل القضايا بحكمة هي رسالة لا تحتمل المُجاملات لأنها إنسانية أكثر منها سياسية ولأنها حق منزوع اُسترجع بقوةِ العدالة ، ولأن التراب الذي بُني عليه المسجد الأقصى ممزوج بالدم الطاهر لشُهداء فلسطين يستصرخ طالباً المدد .

و رائحته قضّت مضاجع الشُرفاء ، هذا هو سلمان ملك للحزم و العزم و رجل المهمات الصعبة ، فأين القطيع الذي كان يُزعجنا عن غزّة ! أين كانوا عندما أُغلقت الأبواب و مُنعوا من الصلاة !

هنيئاً للأمة العربية سلمان الذي سخّر جُلّ نفوذه و حكمته لخدمة البيت الحرام و المسجد الأقصى ، بلا شعارات أو هتافات دعائية كما يفعل البعض ، يعزفون على الأبواق الفارغة لأفعال لم ترى النور على أرض الواقع ، إذ تذّمر الإعلام الكاذب والخبيث و أعلن تأففّه وإستياءه من موقف المملكة في انها لم تُصرّح أو تتخذّ موقفاً إزاء الحدث !

أين كانوا الذين ينفون خبر إغلاق أبواب المسجد بأنها فقط نقاط إسرائيلية للتفتيش وأن هذا هو الخبر الصحيح و ليس المُشاع ! و أن التنكيل الذي حدث للمُرابطين قرب المسجد و إصابة الكثيرين ما هو إلا إعتصام لما حدث !

لأنهم يُهمشّون الحقائق و يُعظمّون الأكاذيب ، صعاليك يعيشون على النتن من الأخبار الصفراء ، يتحدثون مثل العجوز الثرثارة التي أنهت ما في جُعبتها من أوهام و لم يتبقى سوى اللطم بأنها سُرقت و تطلب العون و الإغاثة و عندما تّم إغاثتها قالت أنها لم تُسرق !!

إن موقف المملكة ليس بحاجة لإعلام الجميع أو تبرير لأفعالها بنشر خطواتها ، فهي لا تُعلن أقوالها وأفعالها لتنشرها الصُحف الصفراء ليُقال عنها و هذا أُسلوبهم لا أُسلوبها، بل المملكة تعزم و تهزم و لا يُضاهي مواقفها غير التنفيذ ، و لا تنتظر رسائل الشُكر و العرفان لأن أفعالها تُغنيها عن الردود الباردة ، و أثبت الملك سلمان بأن العقل هو أفعال الرجال و أن بعض العقول مُتفرّغة للعربدة فقط ،بينما تفكيره ملكي بفعله تفرّغ لنُصرة الأمة العربية و ترك للمتأسلمين الإبتذال و خدمة رغباتهم الإرهابية .

هذا إنجاز آخر يُحسب للمملكة و الملك سلمان بالذات ولن تُغيّر هذه الحقيقة كلام المُحرّضين ، ما فعله الملك سلمان سيسطُّره التاريخ بماءِ الذهب شاءوا أم أبوا ، سيذكر التاريخ أن فعل الملك سلمان نداء لرسالة يجب أن تصل وهي أن قوة المملكة و تأثير وجودها و دورها في تغيير رياح الأمن العربي و هذا الدور يكتمل بمُساندة دولة الإمارات العربية المتحدة القوة الأكثر اتحاداً معاً للتصّدي لكل من يُحاول العبث بالأمن الخليجي .