قد يبدو العنوان غريبا بعض الشيء أو غير مألوف للكثيرين الذين يعتقدون أن كلمة فقر غير موجودة في قاموس دولة مثل المملكة، حيث تعوم المملكة على بحر هائل من النفط ، كما أنها تعد من أكبر الدول المصدرة للنفط الخام على مستوى العالم ، بالإضافة إلى ذلك فإن للمملكة امتيازا آخر وهو الحج ، حيث تستقبل المملكة ملايين الحجاج سنويا الأمر الذي يؤدي إلى توفير مليارات الدولارات الإضافية .
لكن الأرقام تقوم غير ذلك ، حيث يعيش 25 % من سكان السعودية في فقر مدقع ، فما هو السبب في تشكل هذه النسبة الكبيرة جدا في دولة غنية مثل المملكة العربية السعودية ؟.
تتعدد أسباب وجود ربع الشعب السعودي ضمن خط الفقر ، ومن هذه الأسباب ارتفاع نسبة البطالة وميل الشباب إلى العزوف عن العمل أحد أسباب الفقر ، ويعد وجود العمالة الأجنبية التي تقبل العمل بأسعار زهيدة مقارنة بالعامل السعودي أحد أهم الأسباب ، حيث يجد العامل السعودي فرص العمل ضئيلة ، وبأسعار لا تتناسب مع جهده ، فيرضى العيش بفقر على أن يعمل بأجر قليل .
بالإضافة إلى ذلك فإن مدن الشمال الغنية بها أحياء نسيها الزمن ، يعيش فيها الفقراء حياة قاسية صعبة ، فالجميع ينكرهم ولا يقدم لهم العون ، فالجمعيات الخيرية هدفها الأساسي الإعلام والشهرة وفي الحقيقة فهي لا تقدم أي مساعدة للمحتاجين ، بل إن الصرف الذي تصرفه هذه الجمعيات على مؤتمراتها ومقراتها كبير جدا ، ولو كانت تريد فعل الخير فكان الأولى بها توجيه هذه الأموال لبناء المشافي والمدراس ، وتحسين نوعية الحياة في الأحياء الفقيرة ، لكن هم أصحاب هذه الجمعيات التقاط صورة مع فقير بائس ليتم نشرها في وسائل الإعلام ويصبح صاحب الجمعية بطلا من أبطال مساعدة المحتاجين ، لكن الحقيقة تقول أنه متسلق من المتسلقين على ظهور وأوجاع الفقراء .
ونظرا لأن السعودية دولة غنية فمن الصعب على الإنسان الذي يحيا خارجها أن يصدق أن الفقر أوجد مكان له فيها ، لكن الأصعب من هذا أن الشعب السعودي ينكر وجود الفقر ، فالفقراء نفسهم ينكرون فقرهم ، وبسبب هذا الأمر لا توجد إحصاءات دقيقة حول عدد الفقراء ، فحتى لو قابلت فقيرا فإن لن يعترف لك بفقره .
ولكن يوما بعد يوم يكثر تقديم الناس على برنامج الدعم الحكومي لمحاربة الفقر ، وهذا يدل على اتساع ظاهرة الفقر ، على الرغم من محاولة الناس إنكارها ، وإنكار وجودها .
كما انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة التسول بشكل كبير في المملكة العربية السعودية ، وهذا إن دل على شيء فيدل على الفقر، ولقد حاول المجتمع السعودي منع ظاهرة التسول كونها تسيء لهيبة المواطن السعودي الغني الذي يعتز بنفسه .
وفي الختام قد ينذهل الكثيرون من الكلام الموجود في هذا المقال ، لكن للأسف هذا هو الواقع الموجود على أرض المملكة السعودية ، والذي يزيد هذا الأمر سوءا عدم اعتراف الناس بالفقر ، وغياب البيانات الإحصائية الدقيقة نظرا لتكتم الناس حول هذا الموضوع، بالإضافة إلى غياب دور الجمعيات الخيرية والتي هدفها كسب الشهرة على حساب الفقراء ، لذلك فإن معالجة الفقر في السعودية تتطلب القيام بخطوات جادة من الحكومة لتحسين مستوى المعيشة في المناطق الفقيرة ، وكما على أبناء الشعب التكاتف فيما بينهم وإيجاد فرص عمل للشباب لتخفيف نسبة البطالة والقضاء عليها .