تحولت مهنة الصحافة في اليمن عقب الانقلاب الحوثي على السلطة، إلى واحدة من أخطر المهن في البلاد، فالمشتغلون بها معرضون للقتل والاختطاف في أية لحظة من قبل الانقلابيين.

منذ عامين ورئيس قسم الشؤون الإنسانية في واحدة من كبريات الصحف اليمنية “ أخبار اليوم ” يمتهن بيع الثلج في أحد شوارع صنعاء، بعد أن اُجبر على ترك وظيفته والانخراط في طريق مهنة أخرى.

ولم يعش الصحفي فيصل عبد الحميد دبوان وحده هذه المعاناة، بل يشاركه فيها رئيس القسم الاقتصادي في ذات الصحيفة نبيل الشرعبي الذي يقتات من جمع علب البلاستيك والمشروبات الغازية، مثلهم مثل مئات الصحفيين والعاملين اليمنيين في مجال الإعلام الذين أجبرتهم الميليشيات على ترك وظائفهم ليمتهنوا وظائف هامشية لمواجهة ظروف الحياة.

وعمل الحوثيون على إغلاق مئات المواقع الإخبارية اليمنية، ومكاتب القنوات الفضائية، وتسريح مئات الصحفيين في المؤسسات الحكومية في مقدمتها وكالة الإنباء اليمنية “ سبأ ” ، مما قذف بمئات الصحفيين إلى الشارع والبطالة، وصادر أحلامهم في غد أفضل.

بيع العلب البلاستيكية

وللصحفي المتخصص في المجال الاقتصادي نبيل الشرعبي قصة أخرى أكثر مأساوية، فقد تكالبت عليه الظروف وتكاليف الحياة والعيش، فأصبح مجبرًا على جمع علب البلاستيك والمشروبات الغازية وبيعها وتوزيع ثمنها على وجبة طعام وشراء لسد رمقه.

يقول الشرعبي في تصريحات صحفية: ” كوني صحفيًا أعرف مسبقًا أنني اخترت طريقًا وعرًا يقتضي الامانة والمصداقية المهنية.. أنا لا أعيب أي عمل يكسب منه الشخص لقمة عيش كريمة، مؤكدا أنه خلال الأشهر الماضية تلقى عروض عمل رفضها “ مفضلًا العيش على وجبة واحدة في اليوم ” على ” التنازل عن قيم وشرف المهنة والتحول إلى مشارك في القتل وسحل الوطن بتزوير الحقائق والواقع ” .

وتابع الشرعبي بالقول: “ لا أخجل من أن أتحول من صحفي ومدير قسم في أهم مؤسسة صحفية يمنية إلى جامع لمخلفات البلاستيك وعلب المشروبات الغازية كي أعيش منها، بل على العكس أنا في كامل القناعة بأن ما فعلته وسأستمر عليه هو الصائب، لأن القتل وسحل الوطن ليس فقط بالبارود وإنما يكون أيضًا بتزوير الحقائق وتنميق قبح القاتل ” .

بيع الثلج

بدوره فيصل عبد الحميد دبوان خريج كلية الإعلام في العام 2008، شق طريقة نحو الصحافة ناقلاً هموم الإنسان اليمني، لكن الأوضاع تغيرت ورغم امتهانه بيع الثلج تعرض للاعتداء مرة وللاختطاف مرة أخرى من قبل الحوثيين.

وفي المرة الأولى تعرض للضرب في الشارع جراء رفضه دفع مبلغ جباية. وفي فبراير/شباط الماضي، ختطف من قبل مسلحين واعتقل ليومين في سجن 22 مايو بصنعاء، قبل أن يفرج عنه في وقت لاحق بضمانة مالك أحد المحلات التجارية المعروفة لدى الميليشيات.