في عام 1960 أجريت أول مناظرة متلفزة للحملة الرئاسية بين ريتشارد نيكسون وجون كيندي ؛ وقد ظهر حينئذ قوة لغة الجسد جليا أمام الملايين ..
فقد كان نيكسون قويا في أسلوبه الخطابي ولكنه كان أقل ثقة في تعبيرات جسده في حين بدا كيندي أكثر قوة .. وفي نتائج التصويت كان المستعمون للمناظرة من خلال الراديو فقط مصوتين لنيكسون بغالبية ساحقة لتأثير قوته في الخطابة بينما كان كيندي الأكثر حظا في التصويت على الاقتراع الذي حصل جراء اللقاء التلفزيوني لقدرته الجسدية على الإقناع ..

ورغم أني لا أتابع الأخبار السياسية كثيرا لكني لا أذكر مرة أني رأيت اجتماعا لأوباما مع أحد من رؤساء الدول إلا وجدته يضع قدما على قدم في جلوسه كإشارة جسدية منه على قوة أمريكا وهيمنتها على الدول ؛ لذلك لما فعل أوباما هذه الوضعية في جلوسه أثناء محادثته مع أردوغان فعل الأخير الحركة ذاتها مباشرة وكأنه يبين لأوباما أن تركيا ليست تابعة لسيادة أمريكا ..
ومع رئيس كوبا راؤول كاسترو مع أوباما موقف آخر يبين تأثير لغة الجسد ؛ فحين زار الأخير كوبا بعد تصالح البلدين بعد الحروب الباردة ؛ رفض كاسترو ترتبيت أوباما على كتفه فرفع يده بعيدا لكي لا يبين ضعف دولته أمام هيمنة أمريكا ..

وعلى النقيض تماما فلغة الجسد ليست محصورة في إظهار القوة والسيادة بل تظهر كذلك في إخفاء الضعف والعيوب .. فمثلا هتلر الذي كانت صرخاته في خطاباته تجسد قوته وديكتاتوريته العظيمة ؛ وكان شعار النازية المتمثل في وضعية يد هتلر تجسد السيطرة على أتباعه ؛ ورغم ذلك كان هتلر يخفي عيوبه بحركات جسده ؛ فقد ذكر آلان بييز في كتابه لغة الجسد أن هتلر كان يمسك قبعته أو يضع يديه كثيرا تحت بطنه أثتاء وقوفه ؛ لأنه كان يعاني من ضعف جنسي وكان أيضا بخصية واحدة فقط !!

وكمثال آخر فقد قام بيل كلينتون بحك أنفه ( والتي تدل على الكذب غالبا )
مرة كل أربع دقائق حتى وصل لمس أنفه 26 مرة أمام هيئة المحلفين أثناء قضيته الشهيرة مع مونيكا !!

ولعل جميعنا يذكر شخصية صدام حسين القوية التي ظهرت أثناء محاكمته ؛ لكن لخبراء لغة الجسد رأي آخر فتقول باتي وود أن نظرة صدام وانحناءة كتفه وابتسامته للحراس كانت محاولة لاثبات قوته وعدم اكتراثه إلا أن حقيقة كان يشعر بفقدان القوة والأمان

وكدليل على أهمية كل كلمة ونبرة وكل حركة وإيماءة في غياهب السياسة ؛ فوفقا لما ذكرته صحيفة الرياض أن لأغلب رؤساء الدول كتّابا متخصصين لصياغة خطاباتهم فمثلا الخطاب الذي ألقاه الرئيس ليندن جونسون في 8 يناير 1964 عمل عليه 24 كاتبا خلال ست أسابيع متواصلة وأدخلوا عليه 2088 تعديلا ..!!