رمضان شهر الرحمة والغفران لا شهر الهدر على موائد الإفطار يزورنا في كل عام شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والغفران ، فتفتح أبواب الجنة و تغلق أبواب النار ، ويتقرب العباد من خالقهم ليغفر لهم ذنوبهم ويدخلهم في جنته .

‏ويتميز شهر رمضان بأجوائه الرائعة بداية بالصيام وبالأجواء المحيطة به ، حيث تجتمع العائلة على وجبتي السحور والإفطار فيبقى شمل الأسرة مجتمعا طوال الشهر الفضيل ، ويكثر في هذا الشهر فعل الخير والصلاة والعبادة وكل هذا وأكثر في جو روحي رائع يقرب العبد من خالقه .

‏ولقد فرض الله سبحانه وتعالى الصيام على العباد في شهر رمضان حتى يشعر الغني بأخيه الفقير ، فيعيش إحساس الجوع والعطش والذي قد يعيشه الفقراء على مدى أشهر طويلة خلال العام ، الأمر الذي يدفعه إلى المبادرة في مساعدة الفقراء بعد أن يكون شعر بشعورهم .

‏لكن في السنوات الأخيرة تغيرت المفاهيم فأصبح الشهر الفضيل يتطلب من الأسرة ميزانية تفوق ميزانية باقي الأشهر ، فتكثر موائد الطعام ، ويكثر الهدر ، حتى أن بعض الأسر أصبحت تعد العدة لشهر الرحمة قبل موعده لفترة ، فترتفع الأسعار ويصبح من الصعب على الإنسان الفقير مسايرة هذا الارتفاع الجنوني للأسعار ، فتخلو مائدة إفطاره من الطعام الصحي واللذيذ ، وقد يأتي موعد الإفطار ولا يوجد على سفرته طعام .

‏وهذا يخالف الهدف الأساسي من الصيام وهو الشعور بالفقراء ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حساً حسوات من ماء ، ويطالب الناس بعدم الإسراف في الإفطار ، وأن يمدوا يد العون لإخوتهم الذين لا يملكون طعام الإفطار .

‏لكن في وقتنا الحالي نرى موائد الإفطار في المساجد عامرة بما لذ وطاب من الطعام من كافة الأصناف ، ومن أرقى المطاعم وأفخمها على مدى النظر بأنواعها العديدة ، والفواكه والسلطات تزين المائدة السعيدة ، ويقدم هذا الطعام المثير لأناس مقتدرة ماديا ، وللأسف يبقى قسم كبير من هذا الطعام ، ويتم إتلافه بشكل يومي وذلك من شدة المبالغة في تحضير ولائم الإفطار .

‏وقد يكون هذا الأمر مبررا في حالة واحدة فقط وهي عدم وجود فقراء على هذه الأرض ، وبسبب استحالة هذا الأمر فيعد هذا الإفطار المبالغ فيه مخالفا لتعاليم ديننا الحنيف ووصية نبينا العظيم .

‏وفي الوقت ذاته نجد العديد من بيوت المسلمين حول العالم خالية من أي طعام ويقتصر الإفطار فيها على نوع بسيط من الطعام ، وفي بعض الأحيان يقتصر الإفطار على الخبز والماء ، فمن هو المسؤول عن هذا التناقض بين وفرة الطعام في المساجد وبيوت الأغنياء ، وقلته في بيوت الفقراء ؟ .

‏سؤال تحتاج الإجابة عنه إلى وقفة مع الذات والعودة إلى تعاليم الإسلام والالتزام بها ، فيجب أن تزول مظاهر المبالغة في موائد الإفطار ، وأن تتحول هذه الموائد إلى بيوت الفقراء لتكون عونا لهم ، وبذلك يكون الإنسان أحس بقيمة الصيام وشعر بشعور أخيه الإنسان ، ونال الثواب في هذا الشهر الفضيل ، وابتعد عن تلك المظاهر البعيدة عن الإسلام ، ويحتاج هذا الأمر إلى زيادة الوعي الديني لدى الناس ، وتوضيح الهدف الأساسي من الصيام ، ودعوة المسلم إلى التقيد بتعاليم الإسلام واستغلال هذه الأيام المباركة بالصلاة والعبادة والتقرب من الله .