بعضهم يعامل الناس كأنهم حجارة بلا إحساس، بالإهمال والبرود والتجاهل وجفاف العاطفة وفقر المشاعر واللامبالاة، ينشر فيروساً مؤذٍ يجتث جذور العواطف؛ لذلك أردت بهذا المقال الارتقاء بالعواطف وصناعة الألفة والمحبة بين الناس.

هناك من يعتمد كثيرا على التعاطف على سبيل المثال: الأطباء، الممرضون، مغسلو الموتى، خدمة العملاء، المعلم مع طلابه ، المرشد الطلابي في المدرسة، وخاصة الداعية (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ).

جميل أن تتحرك أمواج العاطفة مع الوالدين وبين الأزواج والأصدقاء، بكلمات الحب الهامسة واللمسات الحانية والبسمة العذبة ونظرات الأنس، وبالأخبار السارة والمفاجآت السعيدة ، مواساتهم وقت المصيبة، الجلوس عند رأس المريض، إفشاء السلام والمصافحة، استمع لهم بكل جوارحك، عبر عن حبك واشتياقك بنبرة الصوت وتقاسيم المحيا والترحيب بوجه متهلل، نادهم بأحب الأسماء افسح لهم في المجلس، إدخال السرور، الثناء الصادق، الإيثار والمداراة، كتابة الرسائل والتهاني والهدايا والزيارات، إجابة الدعوة، قدم العون، اخدمهم بمالك وخذهم في نزهة، سفرة، عشاء خاص.

البيت هو مصرف السعادة فما حجم رصيدك فيه من الحب والحنان والشعور بالجميل، مباسطتهم وإيناسهم، القبلة، الضمة، لاطف الصغار ولاعبهم اعبث بأصابعك في شعر ابنتك ربت على أكتافهم بلطف، إنما هم رياحين فشمهم، احترم وقدر مشاعرهم؛ فلا تجرح وتستهزئ بهم، تفاعل مع النكتة والشهادة إذا أحضرت، النبي عليه الصلاة والسلام أعطى للطفل أهمية وشاركه في اهتمامه انظر لحديث (يا أبا عمير ما فعل النغير) يا أبا عمير فيه إعطاء الأهمية (ما فعل النغير) مشاركته في اهتمامه، عامل كل فرد على أنه مهم.

أشعل مصابيح الحب في حياتك، النبي عليه الصلاة والسلام جالس الصحابة وهم يتذاكرون أيام الجاهلية ويبتسم؛ فما ظنك بحديث أيام الجاهلية، انظر للذكاء الاجتماعي عند النبي عليه الصلاة والسلام قالت خديجة رضي الله عنها (كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ).

حافظ دائما على مشاعر طيبة عند تعاملك مع الغير، تفهم مشاعر وأمزجة وانفعالات الآخرين المختلفة حتى تتعامل معهم بكفاءة، (الغضوب، الحزين ، المكتئب، المحبط، المحرج، القلق، المتوتر، المتذمر ، النادم)، ابحث عن كلمات عاطفية محببة لك واستخدمها في حديثك مع الناس، حتى تنسجم بينهم بفاعلية.

دعني أطوف بك جولة في مراعاة المشاعر وجبر الخواطر(مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ):

· (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً ، أَوْ لُقْمَتَيْنِ ، أَوْ أُكْلَةً ، أَوْ أُكْلَتَيْنِ).

· (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ).

· (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ).

· (وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ).

· (لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَتُؤْذُوا الأَحْيَاءَ).

· ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث، من أجل أن ذلك يحزنه).

· (وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ).

· (مَا بَالُ أَقْوَامٍ) من دون تعيين أحد بعينه حفاظا على المشاعر.

· (مَا عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ)، فانتقادك لوجبة قد يجرح أماً أو زوجة أو أختاً قطعت ساعات من عمرها تعمل لأجلك.

· كان يخفف من صلاته لما سمع بكاء طفل؛ رحمة بأمه.

· بعد توزيع الغنائم يوم حنين قال النبي للأنصار (يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ.. أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَاخْتَرْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ).

عندما تفيض وتتدفق بالمشاعر تكسب محبتة الناس وطاقاتهم، بل يقول المصطفى (مَا مِنْ شَىْءٍ أَثْقَلُ فِى الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ)، (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ)، وابشر ببيت في أعلى الجنة، وتنال محبة النبي (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا). اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لايصرف عنا سيئها إلا أنت.

ختاما

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)