ذكر ابن خلكان في وفيات الأعيان أن الوزير الصاحب بن عباد كان يسافر بـ 30 جملا محملة بالكتب لتكون له خير جليس وتعينه على مشاق السفر الطويل ؛ حتى ألف الأصفهاني كتابه الأغاني فاكتفى الصاحب بهذا الكتاب في أسفاره ..

وبالمناسبة استغرق الأصفهاني في تأليف هذا الكتاب 50 سنة !!
وليس الأصفهاني وحده هو من أفنى عمره في تأليف الكتب ؛
فابن عساكر استغرق عمره في تأليف كتابه تاريخ دمشق حتى تعجب العلماء من همته العالية في تأليف هذا الكتاب الذي بلغ 80 مجلدا !!
وابن جرير الطبري أيضا كانت له همة عالية فأراد أن يكتب تفسيره في 30 ألف ورقة ولكن أصحابه نصحوه بأن هذا شاق وأن الأعمار تفنى دون تمامه ؛ فكتبه في 3 آلاف ورقة .. وكان من حرصه على العلم أنه مكث 40 عاما يكتب كل يوم 40 ورقة !!
وابن بطوطة سافر 28 عاما وقطع 75 ألف ميلا ليسرد تحفة رحلاته في كتابه ماتع ..

وما ننيخ المطايا عنده بعد هذه المقدمة الطويلة أن التأليف كان في ذلك الزمن الجميل يعتمد على عمن قرأت وممن أخذت وكم كيلا سافر لتطلب العلم حتى يصبح الرجل منهم عالما بمعنى الكلمة ؛ أما اليوم فيعتمد (كثيرا) على كم يتابعك ومن رتوت لك ومن عمل لك تاقا وهاشتاقا حتى تصبح عالم زمانك ومؤلف عصرك (ولو لم تختم كتابا واحدا في حياتك) ..!!
ولو طلبت العلم من المهد إلى اللحد ولا يتابعك أحد ولا يلمعك إعلام فكبر على علمك أربعا

وكمثال على ما نقول أحد الأمريكيين أراد أن يثبت أن دور النشر تهتم بالأسماء والمكسب في المقام الأول لا على المحتوى والفائدة فأخذ رواية قديمة اسمها “Steps” لكاتب مشهور ونشرها باسمه ورفعها إلى أربعة من دور النشر من بينها الدار نفسها التي نشرت الرواية ليلقى الرفض منها جميعا بحجة ضعف الرواية وسوء حبكتها ؛ والطريف أن هذه الرواية بيع منها 4 ملايين نسخة وفازت بجازة الأدب الأمريكي !!