الحديث عن دعم إمارة قطر للإرهاب ليس جديدًا، فالشواهد المتاحة، واحتضانها لعناصر إرهابية ليس من باب «المجاملة»، بل دليل على وجود اتفاقيات عدة بينهما.

المتابع للتاريخ يسهل عليه معرفة «التاريخ الأسود» لإمارة الإرهاب، فالدولة منذ استقلالها عن بريطانيا وظهورها ككيان مستقل عام 1971، شهدت انقلابات عدة.

وبدأت المشيخة تحت حكم الشيخ «أحمد بن على» آل ثاني، وقام بتعيين الشيخ خليفة وليا للعهد، ولم يقنع الشيخ «خليفة» بذلك طويلا، وما لبث أن أطاح بابن عمه بانقلاب عسكري وتولى الحكم بنفسه، في 22 فبراير 1972.

«موزة المسند»، نسجت خيوطها حول زوجها الشاب «غير المتعلم»، خليفة، ودفعته للانقلاب علي أبيه، واستغل ” حمد ” وجود والده الشيخ ” خليفة ” في أحد قصوره في سويسرا في رحلة استجمام، ليعلن نفسه أميرا للبلاد بهدوء في انقلاب سمّاه هو نفسه بـ«الانقلاب التليفزيوني».

ووضع «حمد» نظاما جديدا بموجبه أصبح شريكا في كافة الشركات و القطاعات بالإمارة، وجميع العمولات والرشاوى ومقابل صفقات السلاح تذهب له ولزوجته «موزة».

في 28 فبراير من العام 2011، أعلن قائد أركان الجيش القطري اللواء «حمد بن العطية» رفضه لقاعدة «العديد» الأمريكية، وسياسة التقارب مع إسرائيل، وتدخل الأمير الصغير «تميم» في الإدارة.

وقاد اللواء «حمد بن علي» انقلابا عسكريا، كاد أن ينجح في الاطاحة بـ ” حمد ” خاصة مع نجاحه ولبعض الوقت في تحديد إقامة «تميم» لولا تدخل قوات الكوماندوز الأمريكية، و انتشرت القوات الأمريكية في شوارع الدوحة، و تم اعتقال ” العطية ” مع 30 ضابطا من الجيش القطري.

العلاقة بين قطر وإسرائيل ليست جديدة، فظهر في شريط فيديو مسرب يوثق عملية تحميل الطائرات الأمريكية من قواعدها في قطر بقنابل الفسفور الأبيض والذخيرة والمعدات العسكرية وإنشاء جسر جوي بين الدوحة وتل أبيب خلال العدوان الأخير على فلسطين.

وهو ما أظهر التناقض في علاقات قطر، فتظهر داعمة للفسلطينيين من جهة، عبر ذراعها الإعلامي «الجزيرة»، وتزويد جلادهم الإسرائيلي بأدوات قتلهم.

في يونيو 2013، انقلب الأمير تميم على أبيه حمد، واستلم الحكم بانقلاب «ناعم»، حيث تمكن تميم، وبمساعدة والدته، الشيخة موزة، من حصار حمد في القصر، ومواجهته بتحديد إقامته مما جعله يبرم صفقه مع ولده وزوجته ويبادر إلى تسليم الحكم لولده تميم مقابل حريته.

«التميم» منذ أن تولى الحكم، يشعر بـ«الصغر» بين الدول العربية، فيسعى جاهدا مستغلا «أمواله» في صناعة كيان، حتي وإن كان على حساب استقرار الشعوب الأخرى، فوثق علاقاته بحركات وعصابات ودول معادية.

«هيلاري كلينتون» في مذكراتها «خيارات عصيبة»، أشارت إلى زيارة أمير قطر إلى حركة حماس قبل وقوع مذبحة رفح الأولى،- «مذبحة مجندين مصريين في سيناء»- في 6 أغسطس 2012 بيومين فقط.

وأكدت أنها المرة الأولى التي يجتمع فيها رئيس دولة، مع عناصر حركة.

برز أيضا الدور القطري بشدة في دعم ما يسمى بـ«الربيع العربي»، ثم ظهر بوضوح دعمها للإرهاب في عدة دول عربية وعالمية.

المعطيات السابقة تدل على أن «الخيانة» جزء أصيل من استيراتيجية «قطر»، فلم يجف حبر إعلان الرياض، إلا سجلت قطر خروجا مبكرا، وخرج «تميم» يهاجم الدول العربية، ويكشف عن علاقته بإسرائيل وإيران، الداعمين الأساسيين للإرهاب في المنطقة، وبذلك يكونوا قد شكلوا معا «مثلث الشر».

وما يلفت الانتباه فى تصريحات أمير قطر، تميم بن حمد، الأخيرة، أنه لأول مرة يتحدث بصراحة شديدة، عن دعمه للإرهاب، وكأنه كان يمول الإرهاب في الخفاء ويظهر كداعي للاعتدال، وأعلن مسؤولو قطر في أكثر من مناسبة أنهم مع وحدة الصف الخليجى، وفى الخفاء تورطوا فى خلق الفتن بدول الخليج.

قطر أدمنت اللعب بالنار، والجمع بين المتناقضات، فعلاقات قوية مع إسرائيل وإيران فى نفس الوقت تحتضن أكبر قاعدة أمريكية فى المنطقة، وفى نفس الوقت تستضيف قادة حماس وطالبان، وتدفع وتمول التنظيمات الإرهابية فى المنطقة.

تصريحات «تميم» الأخيرة تشير إلي الخلاف بين الدوحة و«ترامب»، لأن الإدارة الأمريكية الجديدة مدركة تماماً لحجم العلاقات القطرية مع التنظيمات الإرهابية فى المنطقة، وعلى رأسها داعش وجبهة النصرة وجماعة الإخوان.

العلاقة بين إسرائيل وقطر ليست جديدة، فتربطهما علاقات قوية، فالدوحة رغم عدم وجود تبادل للتمثيل الدبلوماسى بينها وبين تل أبيب، إلا أن التنسيق السياسى بين البلدين على أعلى مستوى، وهناك زيارات متبادلة بين مسئولي قطر وإسرائيل، كما أن قناة الجزيرة القطرية كانت فى البداية فكرة إسرائيلية، استطاعت تل أبيب من خلالها أن تدخل بيوت العرب.

وصف «تميم» لإيران بأنها قوة إقليمية، هو موقف راسخ في أذهان قطر، وموقف قديم من قطر التى كانت تراهن دوماً على إيران، حتى عندما نشب خلاف فى الرؤى الأعوام الماضية بشان الوضع فى سوريا كانت قنوات الحوار والتواصل السرية مستمرة وقائمة، وأقرب مثال على ذلك أن طهران وافقت على الطلب القطرى بالتوسط لدى خاطفى القطريين الـ26 فى العراق للإفراج عنهم، فى الصفقة التى أظهرت التلاعب القطرى بالميليشيات الإرهابية والمسلحة فى سوريا.

في النهاية يمكن وصف قطر بأنها «شيطان الخليج»، المهمش والمرفوض، فـ«الطفل تميم» يبحث عن دور في المنطقة، ويمارس الانبطاح، والرضوخ، وينفق بسخاء من أجل الوصول إلى مبتغاه الردئ، حتى وإن كان على حساب أمن واستقرار شعوب بأكملها.