أكدت إحدى الدراسات العلمية ، أن “ السعادة ” لا تعني “ لا أشعر بأي ألم ” السعادة الحقيقية هي الحق في قلب الألم، المسألة ليست مسألة تجنب الألم الذي نشعر به أو التقليل من تأثيره في حياتنا التي هي جميلة ومؤلمة في نفس الوقت، لا يمكننا الحصول على واحدة دون الأخرى.

السعادة مُعدية

السعادة هي حالة مُعدية في أي ظرف من الظروف ليست مرتبطة كثيرًا بالظروف بقدر ما هي مرتبطة مباشرة بالطريقة التي نفكر بها في حياتنا، وما يحدث من حولنا.

السعادة مُعدية حقًا، وليست مجرد فكرة في الهواء، إنها عملية كيميائية تجري في أدمغتنا، وذلك بفضل الخلايا العصبية المِرآة (العاكسة).

تقمص آلام الآخرين

عندما نرى شخصًا يعيش حالة انفعالية نكتشف أن دماغنا يشعر بنفس الانفعال، فيتخيل ما يشعر به الشخص الآخر، فهو يفعل ذلك من خلال محاولة نشر نفس نقاط الاشتباك العصبية المتصلة بالانفعالات التي تم تحديدها، وهذا هو ما نسميه بالتقمص العاطفي، ولكن أيضًا من خلال الكيفية التي نُدمج بها ذهنيات الآخرين.

كلما اشتغلت نقاط الاشتباك العصبي هذه، كلما أعيد تشكيل الدماغ،ولهذا السبب فإنه من المهم جدًا قضاء بعض الوقت مع الناس القادرين على أن يكونوا في حالة معنوية جيدة، والذين يشعرون بالفرح، وتجنب المتشائمين والناس أصحاب الأطوار الغريبة ولكن هذا ليس سوى الخطوة الأولى لأن تقبل الألم ينطوي على مسائل أخرى يجب تحليلها.

لماذ الألم يساعدك على أن تكون أكثر سعادة ؟

وحسب دراسة نشرها موقع nospensees.fr المتخصص فإن فوائد السعادة لا تضاهَى، إذ يرى خبراء النفس والاجتماع، على سبيل المثال، أن السعادة يمكن أن تساعدنا على العيش حياة أطول وأكثر صحة، لكن الكثير من الناس لا يعرفون حقًا كيف يكونون سعداء.

في الواقع إنّ سعيَ بعض الناس في سبيل السعادة كثيرًا ما يكون سعيًا غير مجدٍ، حيث يركز جزءٌ من هذا السعي على تجنب الألم أو القضاء عليه.

ولكن، لما كانت السعادة هي أكثر بكثير من مجرد غياب الألم فإن هذا الألم هو في الواقع جزء ضروري من السعادة في الواقع، تُظهر الأبحاث أن الألم يمكن أن يؤدي إلى المتعة في نواحٍ كثيرة.

1 – الألم يساعد على التعرف على المتعة

السعادة كحالة نفسية هي مسألة تناقضات، إذا كنت سعيدًا كل الوقت، فلن يسعك أن تدرك حالة السعادة هذه، أحيانًا يكون من الضروري تجربة الطرف المقابل من الطيف لتكون قادرًا على إدرك وتثمين السعادة الحقيقية.

هذا لا يعني أنه يجب أن يكون هناك غياب للألم حتى يمكن التعرف على المتعة، ولكن يعني أنه على الرغم من الألم، أيًا كان، فإنه من الممكن أن نثمن ونستفيد من تفاصيل صغيرة قد تذهب من دون أن نلاحظها.

2- تخفيف الألم يضاعف المتعة

الألم ليس لطيفًا، ولكن تخفيف الألم لطيف بالتأكيد، الدراسات السيكولوجية والاجتماعية تشير إلى أنه عندما تخف حدة الألم، نعيش جرعة إضافية من السعادة، أعلى بكثير مما لو أننا لم نشعر بأي ألم.

كما يضاعف هذا من حقيقة أن الأشياء البسيطة يمكن تثمينها أيضًا لِما تجلبه من سعادة عندما نعبُر حلقة مؤلمة، وهو ما يزيد من شعور الامتنان، وعلاوة على ذلك، فإن المتعة تتحول أيضًا إلى شيء أكثر عمقًا وأكثر دوامًا، وإلى شيء أقوى من مجرد الإحساس الجسدي.

3- الألم يقوي العلاقات الاجتماعية

الألم يغذي التعاطف وتقمص حالة الآخر، فلهذا نرى الناس يتفاعلون ويقلقون من أجل الذين يمرون بفترة صعبة، مثل وفاة شخص عزيز أو مرض خطير،هذا التواصل الاجتماعي الذي يولد من الألم يزيد من التعاون، ويجعل الناس يعبّرون ويقدّمون أفضل ما عندهم.

بفضل هذا التراحم يصبح التغلب على الألم أسهل، ويعزز هذه العلاقات، ويخلق صلات تذهب إلى ما هو أبعد وهكذا، فالألم يساعدك على معرفة الناس وعلى اكتشاف الخير في نفوسهم، وهو الأمر الذي سيبقى بعد مرور العاصفة.

4- تحمل الألم يكسبك أجرًا

التغلب على وضع صعب يجعلك تستحق مكافأة تنالها بفضل جهودك وهنا كلمة “ ماذا ” ليست مهمه في هذه الحالة، لأن ما هو مهم هو أن تشعر بأنك تغلبت على الشدائد، وأنك تجاوزت ذاتك.

في الواقع، هذا التجاوز، وكون أنك تمكنت من التغلب على الأشياء هو الذي يجعلك تستحق المكافأة الحقيقية، وهو الذي يمكن أن يتجسد في أي شيء بسيط يتمثل دوره في الواقع في أن يجعلك أكثر وعيًا بالجهد المبذول.

5- الألم يجعلك واعيًا

الألم يجعلك تعي ما يحدث في لحظة الآن، أي يجعلك تعيش في ذات اللحظة التي تتألم فيها، ربما قد لا يبدو هذا مهمًا، ولكن أن تكون واعيًا تمامًا بالأشياء في لحظة حدوثها فهذا يعني أنّ لإدراك اللحظة صلة قوية مع السعادة.

عندما نكون واعينَ كل الوعي بما يحدث فإننا ننسى المسائل السطحية لكي نركز على ما يهم حقًا فعلى هذا النحو نتجنب القلق بسبب أشياء ليست لها حلول، أو الانشغال بعدم اليقين بما سيحدث غدًا البقاء في اللحظة الراهنة، أي الآن، حتى عندما لا نشعر بالألم، قد يساعدنا على أن نعيش حياة أكثر سعادة.