من أجمل ما جلبه التطور المعرفي و الثورة المعلوماتية في عصرنا الحالي هو تيسير وصول المبدعين الى العامة. المخترع يمكنه من خلال المواقع المختلفة التواصل مع الجهات المعنية في البحوث والاختراعات ليصل اختراعه ويستفيد منه الجميع. الكاتب كذلك وكل من يملك قلماً سيّالاً يمكنه التواصل مع دور النشر المختلفة لنشر مؤلفه دون أن يبارح مكانه.

هذه السهولة والبساطة في الوصول و التعريف بالأعمال لايمكن جعلها مُقننة مهما اجتهدنا. لايُمكن أن تخبر الناس أن ينتجوا الجيّد فقط لأن كلاً منهم مقتنع بمنتجه والا ماكان ليتجرأ ليعرّي ذاته أمام الجميع ويقول هاهو ذا فكري و صنعي. يمكن ان تقوم دور النشر ووزارة الثقافة بمحاولة انتقاء المضمون الجيّد ورفض المضمون الرخيص أو الاباحي او المسئ للأديان مثلاً. لكن كل ماهو راجع للذوق لايمكن حصره للنخبة في نظرك فقط.

حقيقة لا أرى سبباً وجيهاً للخوف والهلع الذي ينتاب الناس من فكرة كثرة الكتّاب أو المؤلفات. ان الكتاب الجيّد يفرض نفسه وسط هذا الزخم الكبير. وقد ضرب الله مثلاً للحق والباطل بقوله عز وجل ” {فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}

وهذا ينطبق على كل أمور الحياة. مالايعجبك قد يثير اهتمام غيرك. قد ترى الروايات الرومانسية مثلاً او الكتب ذات الطابع النثري تافهة بلا قيمة ويتهافت لشرائها غيرك.

ثم ان الأمور تتميّز بضدها. العمل الجيّد يصبح أكثر قوة ومتانة عند مقارنته بغيره من الغثاء.

الأرض براح فلا تتزاحم قلوبكم. وبدلاً من انتقاد كثرة الانتاج ، أنتج شيئاً نادراً.