يقال بأن ( اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضيّة )
فكثيراً مايردّدها الناس و قليلٌ منهم من يطبّقها،
وهناك فئةٌ تؤمِنُ بها و فئةٌ عكسَ ذلِك .
فأبسط أنواع الاختلاف بين البشرية تتجلّى واضحةً
في طريقة الأكل و التعزية و الحياة وأسلوب التّعاطي مع الناس،
وكل هذا الاختلاف قد يشوبه حالات من الخلاف الذي في جوهره
لا يأتي من ضربةٍ واحدةٍ أو تجربةٍ وحيدة ، بل هو نتاج من اختلافات في
الانفعال و المزاج و الانطباع و الجوانب النفسية .
إن المتأمل في الحوارات العامة و الخاصة سيجد الاختلافات في المنهجية والأدوات و الوسائل و الأهداف المختلفة حسب تجارب الناس و مدى ثقافتهم
و نسبةِ إدراكهم للأشياء.

فالاختلاف ظاهرة طبيعية من ظواهر المجتمعات المعاصرة و حقيقة لا ينكر وجودها أحد. بل إنّ في تاريخ الإنسانية لم تتفق الأمم في شيء
و سيعتبر اتفاقها جميعاً من ضربِ الخيالِ،
وقد وضّح القرآن الكريم باعتباره أعلى مصادر الوحي
مايؤكد حقيقة الاختلاف أنه جوهر البشر في
قوله تعالى
(والسماء ذات الحبك إنّكم لفي قولٍ مُختلِف)

لكن أحيانا قد يتحول الاختلاف الى خلافٍ يخلق المشاكل بدلاً من أن يتحول إلى أفكار و إبداع و غنى و اقتراحات .
فالبعض يعمد إلى الإلغاء بعيداً عن الحوار،
و هذا التباين خير دليل على
تفاوت مستويات أفهام الناس و مدى مداركهم،
و إن طبيعة المهن تُخفي الكثيرَ من الأمور الدقيقة التي لا تخلو من الاختلاف
المرفوض الذي يتعمد الإقصاء أو الهيمنة على الآخرين او الإستعلاء ن الاستقواء عليهم لمجرد الولاء لغيرهم
أو بسبب التعصب لينتج عن ذلك النزاع و الصراع ،
وهذا مايسمى بالاختلاف المذموم الذي يهدم المجتمع و يهدّد لبنته.
في مجتمعنا نحن بحاجة إلى الاختلاف الرّاقي الناشيء عن علم و ليس عن جهل،لأن تنوع الاختلاف و حصول التضاد يؤدي بنا إلى تقدم حضاري وعلمي و اكتشاف قدرات ومواهب و ابتكار حلول تساهم في تطوير البشر و تقدمهم.

و نحن نريد اختلافاً مقيداّ بقيمٍ انسانيةٍ و آداب عالية
ومحكوم بترشيد التعامل و روح الإيمان والاخوّة . و الإيمان بوجود الأشخاص المختلف و المؤتلف بيننا ،
لأن ذلك سيحمينا من الصراع و العداء .
و إن قبول الآخرين ليس بأمرِ سهل لكن تقريب المسافة ضرورة لإيجاد روح التضامن و الإحترام
و صون كرامة جميع الأطراف بعيداً عن التعالي و الاستنقاص و فرضية الرأي ،
فالتسامح في ظل الاختلافات و الخلافات لهو خير وسيلةٍ لنرتقي معاً كي لا يتحول الإختلاف إلى حقدٍ أو تعصبٍ أو إلغاءٍ للآخرين.
**همسة :
كن مختلفاً..لا لمجرد الاختلاف..

وكن مختلفاً .. بلا خلاف..